ملح الحياة /قصة قصيرة

 قصة قصيرة  : 

    بقلم محمد محمود غدية

           (ملح الحياة)


 تتمدد العتمة فى كل شئ حولها، تريد ان يطول بها الليل او تغادر وتمضى، هى مثل بيت غير مسكون ومتهدم، تدفقت الصور وكأنها كانت محتجزة خلف سد اسمنتى ازيل، 

فاندفعت تيارا لا يتوقف، معا كتبا السطور الاولى فى كتاب الحب، كان اشبه بموجة بحر ربيعى تغمرها فى هدأة الصباح، غلالة رقيقة من دمع تلمع ولا تنفرط، موجعة هى الدموع التى تتحجر فى العيون، لماذا تأتى الاشياء الصحيحة فى التوقيت الخطأ، 

لا ينبغى ان تنسحب من مواقيته رصيفه عينيه، هو الحاضر والغائب القريب والبعيد، 

ترتشف الهم كلما همت بااغلاق الباب دونه، السماء ملبدة بغيوم كثيفة تنذر بالمطر، الطقس بارد رائحة الليل عالقة بالجدران، تمسح حبات الندى الثلجى المنثور بشعرها الليلى المتطاير والمسافر فى كل الدنيا، قاسمته العيش فى بلاد اخرى وبحار اخرى  ومدن مغسولة طول الوقت لكنها لا ترى سوى قريتها الطيب اهلها والنخل وشجر الجميز، لايمكنها غلق ادراج الذاكرة، وذلك اليوم الذى حزم فيه حقائبه فى واحدة من رحلاته البعيدة ولم يعد، الكرة الارضية بااتساعها ليست سوى سجن كبير، 

الصقيع والثلج يخترقا مسام جسدها، دونه تهوى والارض تقترب منها، دون ان تكون هناك يد بالانتظار، اشتاقت لرائحة مطر بلدها المخلوط برائحة البن المحمص، ولان الزمن يستطيع فى واحدة من فضائله الكثيرة ان يشذب الاحداث ويهذبها ويعيد تشكيلها فى صور لا يمكن توقعها حين اخبرها الطبيب بحملها، الذى سيعوض الغياب ويشيع بعض الدفء وهو يحبو ويتعثر فى الاركان والامكنة، انها قسمة عادلة حب الابناء ووجع الغياب انها امام ثنائية فريدة او ملح الحياة       . 

        محمد محمود غدية / مصر


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء