البشاير في نسب آل الساير/بركات السائر العنزي
بركات الساير العنزي
من كتابي- تحت الطباعة
(البشاير في نسب آل الساير )
القائد الخفي لمعركة ذي قار
شاعرة عنزة – الشاعرة الوائلية
( صفية بنت ثعلبة الشيباني )
-صفية بنت ثعلبة : شاعرة من قبيلة عنزة، الشاعرة الوائلية ،عاشت في العصر الجاهلي . ينتمي نسبها إلى ربيعة بن نزار بن معد ، وهي أخت شيخ قبيلة بكر،عمرو بن ثعلبة ، وكانوا يسمونها الحجيجة ، ويستشيرونها في كل أمر. فهي حكيمة القبيلة وشاعرتها . فلها مكانتها الكبيرة في القبيلة . وكانت صاحبة أنفة وعزة ، أجارت هند بنت النعمان بن المنذر . ورفضت تسليم ابنة النعمان وابنته لكسرى ، وحثت قومها على القتال ومقاومة كسرى ، وعندما التقى الجمعان ،وقفت تشجع قومها من بني شيبان من بكر وتغلب ، وتحثهم على قتال الفرس في ذي قار. بقيادة البطل العربي هاني بن مسعود الشيباني .وقالت في حمايتها لهند بنت النعمان
أحيـــــوا الجــوارَ فقد أمــاتته معا
كــــل الأعارب يابنى شيبانِ
ما العذر ؟ قد نشدت جوارى حرّةٌ
مغروسةٌ قى الدرّ والمرجانِ
بنتُ الملوك ذوى الممالك والعُلى
ذاتُ الجمال وصفوةُ النعمانِ
إنـــى حُجَيجةُ وائــــــلٍ وبوائـــلٍ
ينجو الطـريد يناقة وحصانٍ
يا آل شيبانٍ ظفـرتُـمْ فـى الدنــــا
بالفخر والمعروف والإحسانِ
وعندما أرسل كسرى عدة كتائب لقتال بني شيبان ، وأخذ أمانة النعمان بن المنذر ، هزم بنو شيبان كتائبه في كل مرة ، غضب كسرى وقاد جيشا بنفسه وسلم قيادته لابنه ، يريد أن ينتقم من بني شيبان . وكان من قواد جيش كسرى القائد العربي طميح ، فأرسل سرا يحذربني شيبان من استعداد كسرى لقتالهم بجيش كبير وقوي ، فأرسلت صفيه له قصيدة تشكره على شهامته العربية - التي فقدناها اليوم – فقالت تشكر الطميخ وتفتخر بتغلب : لله دَرُّك من نصـــيحٍ صـــادقٍ
والنصحُ رأيك ايها الإنســـــانُ جـاء الرســـولُ بنصحه ولأنهُ
محفوظةٌ اســرارُه وتُصـــــانُ
واليوم يــومُ حُجَيْجةٍ من وائلٍ
جاءت بها الأنباءُ والأزمــــانُ
قلْ للطميحِ فدتهُ فتيانُ الوغى
عندى لكسرى القلبُ والأبدانُ
ابلغ طميحاً يارسولُ وقل له
بسيوف تغلِبَ تُغلبُ الأقـرانُ
وراح صفية تنشد القبائل العربية ، لمؤزارة تغلب وبكر في حربهم ضد الفرس ، وجاءت القبائل تدفعها الحمية العربية للمشاركة في القتال ، ومؤازرة بكر وتغلب ، بقيادة بني شيبان . وكل قبيلة اشتركت في معركة ذي قار ، حصلت على الفخر والمجد ، أما القبائل لم تشترك فقد نبذتها القبائل الأخرى وأصبحت قبائل مذمومة لا يتزوج العرب منهم ، فقل شأنها وصغرت في نسبها وغندما احتدمت المعركة واشتد غبارها ، ركبت صفية فرسها وحملت سيفها تقاتل مع الفرسان الشجعان ، وكان الفرس أكثر عددا وعدة فمالت لهم الكفة وتراجع العرب ليهربوا . فتوجهت صفية إلى هوادج النساء تقطع حبالها بالسيف . وعندما شاهد العرب حرائرهم في الأرض سيقعن سبايا ، ارتدوا على الأعداء يقاتلونه .ووصلت الإمدات العربية فقد وصلت قبيلة يشكر وقائدها ظليم بن الحارث ، وشاعرهم الحارث اليشكري . وحمل اخوها والرجال معه حملة صادقة على الفرس ، ولكن الكثرة كادت تفنيهم .. والتحقت بهم قبيلة بنى يشكر وعليها فارس العرب ( ظليم بن الحارث) وشاعرهم (الحارث اليشكرى) فجاؤوا مددا للعرب ولقتال جيش كسرى فاستقبلتهم قائلة : هذا ظليم جــــاءكم فـــى يَشكُرِ
كليث غاباتٍ مهوسٍ مُخْدرِ
يا فارسا تحت العجـــاج الأكبرِ
احْملْ هُديتَ حملةَ المنتصرِ
احمل ظليمُ فى العجاج الأسود
ادرك فأنت غايـة المستنجدِ
وهجم اليشكريون على جيش كسرى ، بفكون الحصار عن أخوتهم العرب . وأرسلت صفية إلى الطميح شيخ قبيلة بني إياد ، والقائد العربي الذي كان مع جيش كسرى ، تحثه على ترك جيش كسرى والانضمام للصفوف العربية ، وتركت إياد كسرى ، وانضمت إلى القبائل العربية المقاتلة ،حيث قاد الطميح قبيلته في القتال . وفي اليوم الرابع للمعركة ، قدمت صفية هند ابنة النعمان لتحث الفوارس على الصبر والثبات ، وتؤازر أخاهاعمرو بن النعمان . فكشفت هند عن وجهها الصبيح ، فبان جمالها ،وأزهر فتونها ،وأنشدت هند بنت النعمان ، تخاطب أخاها والفرسان فقالت : حافظ على الحسبِ النفيس الأرفـــعِ
بمدجّجين مع الرمــاح الشُّرَّعِ
واليوم يـــوم الفصل منـك ومنــــهمُ
فاصبر لكــل شديدة لم تُدفـــــعِ
ياعمرو ياعمرو الكفاحَ لدى الوغى
ياليثَ غابٍ فى اجتماع المجمعِ
اظهـــر وفـــــاءً يا فتـــى وعزيمةً
أتُضيعُ مجداً كــان غيـرَ مُضيّعِ
واندفع العرب كالأسود في اليوم الرابع للمعركة يشقون صفوف الفرس ، وقتلوا أولاد كسرى في المعركة. وجرح كسرى وهرب ببقية جيشه ، وقد قتل الآلاف من جيش كسرى ، وغنم العرب غنائم كثيرة . وقد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم معركة ذي قار ، حيث قال : " الْيَوْمُ أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَتْ فِيهِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ وَبِي نُصِرُوا " .واشدت هند بنت النعمان تمدح صفية القائد الخفي لمعركة ذي قار فقالت : المجدُ والشرفُ الجسيمُ الأرفـــعُ
لصفيةٍ فــى قومهـــــــا يُتوقــعُ
ذات الحجاب لغير يـــومِ كريهةٍ
ولدى الهياج يُحلُ عنها البرقــعُ
لا أنسَ ليلةَ اذ نزلت بسوحهـــا
والقلبُ يخفقُ والنواظرُ تدمــــعُ
والنفسُ فى غمرات حزنٍ فادحٍ
ولهى الفـــــؤادِ كئيبة اتفجّــــــعُ مطرودةً من بعد قتل أبوّتى
ما إن أُجارُ ولم يسعنى المضجعُ
كانت شاعرتنا الشاعرة العنزية الوائلية الأصيلة مبعث فخر لكل العرب ، جمعت العرب تحت راية واحدة . لقتال عدو يتربص بأمتنا دائما ، هو العدو الفارسي . وهكذا كانت صفية الشيبانية القائد الخلفي والخفي لمعركة ذي قار ، أدارت المعركة مع أخوتها وابن عمومتها ، لتثبت أن المرأة العربية ، لم تكن تعيش على هامش الحياة قديما ، بل كانت جزءا أساسيا وفاعلا في الحياة . تشارك قومها في أحداثهم وتحارب معهم . وتعطي رأيها وتشد الهمم ، وتقوي العزيمة .
تعليقات
إرسال تعليق