(في رحاب... اية) على الفراتي

 ( في رِحابِ… آية)


… قد تُفهَمُ خَطأً…


" لغتنا الجميلة"

( بلسانٍ عربيّ مُبين)

بسم الله الرحمن الرحيم


﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَادُوا۟ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ وَٱلصَّـٰبِـِٔینَ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ﴾ [البقرة ٦٢]

قال أبو جعفر: أما"الذين آمنوا"، فهم المصدقون رسول الله فيما أتاهم به من الحق من عند الله، وإيمانهم بذلك، تصديقهم به - على ما قد بيناه فيما مضى من كتابنا هذا.

* * *

وأما"الذين هادوا"، فهم اليهود. ومعنى:"هادوا"، تابوا. يقال منه:"هاد القوم يهودون هودا وهادة. وقيل: إنما سميت اليهود"يهود"، من أجل قولهم: ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾ . [سورة الأعراف: ١٥٦] .

 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: إنما سميت اليهود من أجل أنهم قالوا: ﴿إنا هدنا إليك﴾ .

* * *

القول في تأويل قوله عز وجل: ﴿وَالنَّصَارَى﴾

قال أبو جعفر: و"النصارى" جمع، واحدهم نصران، كما واحد السكارى سكران، وواحد النشاوى نشوان. وكذلك جمع كل نعت كان واحده على"فعلان" فإن جمعه على"فعالى". إلا أن المستفيض من كلام العرب في واحد"النصارى""نصراني". وقد حكى عنهم سماعا"نصران" بطرح الياء، ومنه قول الشاعر:

تراه إذا زار العشي مُحَنِّفًا ... ويضحي لديه وهو نصران شامس

وسمع منهم في الأنثى: "نصرانة"، قال الشاعر:

فَكِلْتَاهُمَا خَرَّتْ وَأَسْجَدَ رَأْسُهَا ... كَمَا سَجَدَتْ نَصْرَانَةٌ لَمْ تَحَنَّفِ

يقال: أسجد، إذا مال. وقد سمع في جمعهم"أنصار"، بمعنى النصارى. قال الشاعر:

لَمَّا رَأَيْتُ نَبَطًا أَنْصَارَا ... شَمَّرْتُ عَنْ رُكْبَتِيَ الإِزَارَا

كُنْتُ لَهُمْ مِنَ النَّصَارَى جَارَا

وهذه الأبيات التي ذكرتها، تدل على أنهم سموا"نصارى" لنصرة بعضهم بعضا، وتناصرهم بينهم. وقد قيل إنهم سموا"نصارى"، من أجل أنهم نزلوا أرضا يقال لها"ناصرة".

 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"النصارى" إنما سموا نصارى من أجل أنهم نزلوا أرضا يقال لها"ناصرة".

* * *

ويقول آخرون: لقوله: ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ [سورة الصف: ١٤] .


. وأما إيمان اليهود والنصارى والصابئين، فالتصديق بمحمد ﷺ وبما جاء به، فمن يؤمن منهم بمحمد، وبما جاء به واليوم الآخر، ويعمل صالحاً، فلم يبدِّل ولم يغيِّر حتى توفي على ذلك، فله ثواب عمله وأجره عند ربه، كما وصف جل ثناؤه.

….

تفسير الطبري — ابن جرير الطبري (٣١٠ هـ)


والله أعلَم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء