عودي إلي للثم الوجد ياحلب

 محمود محمد أسد 

                          أنتِ الرَّوضُ يا حلبُ

 نُظّّمتْ بمناسبة حلب عاصمة الثقافة الإسلامية 2006


عودي إليّ للثم الوجد يا حلبُ 

هذا قطاف الِّلقا ، والعرس يقترب

هنا نداءُ المنى مُستنشِقٌ شغفي

عودي ، فيا بؤس مَنْ عابوا ومَنْ عتبوا

كنتِ الرّفيق لأيَّام الصِّبا فمتى

نحكي لها ؟ والأماني صدقها  كذب

جاءَ البشيرُ وفي الشَّهباء أفئدةٌ 

ظمأى ، وما كانتِ الأشواقُ تُنتَدبُ

هذا اليراعُ على الأحلامِ مُتّكئ

ٌ والقادماتُ من التاريخِ تُرتَقَبُ

أرنو إليكِ ، وللأهداب مملكة

ٌلكنّ درب الهوى قفرٌ ومُغتَصَب

ُتلك القرون تخطُّ العشق من أزلٍ

 وقلعةُ المجدِ تشدو للألى كتبوا

إنَّ المساجد أنوارٌ ، وما عرفَتْ 

تلك النواقيس غير الحبِّ يا حلبُ

طارت إليكِ وجوهُ البشرِ في زمنٍ

صار الأمانُ من الإجحافِ ينتحبُ

كانوا فكنتِ فصار الحبُّ دأبَهُمُ

صِرْنا فصِرْتِ ،  فراحَ السَّعدُ يَنْقَلِبُ

كنت النّدى لرجالٍ في النَّقاء مضَوا

 ألبابهمْ من دروبِ الشرِّ تنسَحب

ُاقرأْ معارِفَهم ، تقطُفْ ثمارَهُم

ُهمُ الرَّياحينُ للأنسامِ والنّجب

ُكم ضمّني حبُّ مَنْ أسكنتُها مُهَجي

في غربةٍ هدَّها التذكارُ والنّصَبُ 

 هلاَّ قرأتِ دموعي كلَّما اتَّقدت

ْبالهجرِ أطفأها الخلاَّنُ والنَّسب

ُلم تنطفِئ جَذوةُ الملتاعِ إن حزنَت

ْ أو رابها وَسَنٌ ، أو جاءها الوَصَب

ُعودي إلينا ربيعاً مزهراً مُثُلا

مِنكِ التَّسامحُ ، فلْيفخَرْ بكِ العرب

ُمازلتِ للمِلَلِ السّمحاءِ مائدة

ًبيضاءَ ناصعةً ما شابها الحدبُ 

أنت الجداولُ والأنهارُ في زمنٍ 

جفَّ التسامح حتَّى مسَّنا العَطَب

ُمسَّت شرائعُنا والعدل ُ شِرعَتُنا 

لكنَّهم في التّمادي والأذى ذهبوا

أنت الموائدُ للتاريخ قد بُسِطَتْ

للجائعين ، وأنت الرَّوضُ يا حلبُ

تاقت إليكِ عقولٌ زانَها حسب

ٌ ألستِ بيتاً لِمَنْ حجُّوا ومَنْ طلبوا

أكرِمْ بها من دروسٍ لم تجدْ أذُناً

تُصغي إليها ، فعمَّ الحقدُ والنَّشَبُ 

هذي عيونُكِ ياشهباءُ قد نَهَضت 

في حينها ذابَ مَنْ يهوى ومَنْ لَغَبوا

جاؤوكٍ من عبق الإسلامِ مؤتلقاً

 والنفسُ من دوحةِ الأخيار تحْتَطِب

ُألستِ قِبْلَةَ مَنْ غابوا ومَنْ حضروا

رأيتُك اليومَ أبهى والعِدى نُكبوا

كلُّ القلوب إلى الشهباء قد حملَتْ

دفءَ المكانِ ونبْضُ الشعرِ يلتهبُ

قبّلتُ قلعتكِ الظّمأى وقلتُ لها:

 بشراكِ عاد الهوى عذباً لمنْ شربوا

هذي روابيكِ أنداءٌ ومكرُمة

ٌ فالعرسُ حانَ وخيرُ الناسِ قد طربوا


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء