الحياة سوق وتجارة/أحمد بلول

 الحياة سوقٌ وتجارة

الحياة سوقٌ وتجارة ،وميزان عملتك ، وقانون وضعك ، فإنْ كانت عملتك ذات قيمةٍ عالية أعطتك سلعةً غالية ، وإنْ رضيت بالعملة الأدنى أدناك الدهر ما أدنى ، الحياة هي أنتَ ليست حياةٌ بعد موتك ، إذا رحل هذا الشخص عن الحياة ، فليست له حياة إلا الأخرى ،فقد انقطع عن أخبارها وأشعارها ،وأسمارها ،  وعن حديث الصديق والرفيق والخلاّن ،وعمّا كان يألفه من جميل طبْعها وطباعها ، ممّا قال امرؤ القيس :

قِّفا نبك من ذكرى حبيب ومنزلٍ **بســـــقط اللوى بين الدخول فـــــــحومل

إلى أن قال:

ففاضت دموعُ العين مـنّي صـبابةً **عـلى النحر حـتّى بـلّ دمعي محـملي

فالحياة تكمن في قدرتك الظّنيّة، والفكريّة ، في تجربتك ،  في قدرتك على تأويلك للأشياء من جميلها وقبْحها ، فقد نقف أنا وأنت على تلّةٍ أو شاطيء ، قد تبكي ولا أبكي ذلك ممّا رأيت من تأويل حديثها ،فأنت صانع ومُؤَلِّف الحدث وأنا ،ولكن كلٌّ حسب تأوليه وفي هذا المعنى يقول إيليا أبو ماض:

أيّها المشتكي وما بك داء** كيـــف تغدو إذا غــــدوت علــــيلا

إنّ شرّ النـــفوس نفسٌ  يؤوس* يتمنّى الرحــــيل قبل الرحــــيل

ويرى الشوك في الورود ويعمى * أن يرى فوقـها الندى إكليلا

والذي نفسه بغير جمال ** لا يرى في الوجود شيئا جمــــــيلا

وقد نقرأ أنا وأنت سورةً أو آيةً من القرآن الكريم فتجهش عيناك بالدمع ، ويرتعش جسمُك ذلك ممّا عرفت من غيث الهدي ،في حين أُكْمل أنا صلاتي أو قراءتي دون ذلك كلٌّ وما وصل إليه ، القراءة واحدة والتأويل مختلف ،ولننظر إلى الفارق الإيماني في هذا المعنى قال تعالى :(( الله نزّل أحسنَ الحديثِ كتاباً مُتشابِهاً مثاني تقشعرُّ منه جلودُ الذين يَخشَــوْن ربَّهم ثمّ تلينُ جلودُهم وقلوبُهم إلى ذِكْرِالله ذلك هدى الله يهدي به مَنْ يشاء )) الزمر 23 وقال تعالى من سورة مريم :((...إذا تُــتْــلَى عليهم آياتُ الرحمـــنِ خــرّوا سُجّدا وبـــكيا)) مريم 58 فلا تلومَنّ الأشياءَ ونقائضَها فهي مجبولةٌ على ذلك ،ولا تلومنّ إلا نفسَك ،فإذا سقطتَ سقطةً في الحياة فذلك لعجز تقديرك ، و قدرتك ، وفهمك ،وعزمك وإرادتك ، وحُكْمك على الأشياء ، وتجلُّدك في المُجاهدة...................ع/ك: بلول أحمد المسعدي الجلفيّ


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء