مازال حرفي من ناداها شاربا/محمود محمد أسد
محمود محمد أسد
مازال حرفي من نداها شارباً
هذا فؤادي في هواها يغرق
ُهي والثُّريّا لوحةٌ تتألَّق
ُأبحرت في لُجَجِ المتاهةِ باحثاً
عن غادةٍ ، لَمْ يُؤْذِها مَنْ يَعْشَق
ُومشيْتُ في دربِ الأحبَّةِ سالكاً
كلَّ الشّعاب ، وَلَمْ أجدْ ما يُفْلقُ
عَجزَ القصيدُ أمامَ سحرِ بيانِها
فالشعرُ صارَ مفازةً لا تورق
ُهيَ والأماني روضةٌ أعطَتْ لنا
من سلسبيلِ الحسنِ دُرّاً يُغْدِق
ُفتَّانةٌ جَذَبَتْ بسحرِ فتونِها
نبض القصائدِ ، بالمحاسنِ تشرق
ُرقصَتْ على إيقاعِ حبِّي، واعتلَت
ْقببَ الخلودِ ، بما حواهُ المنطِقُ
واستيقظَتْ من حالكٍ بَسَطَ الرّدى
و تحرَّرَتْ من حالكاتٍ تحرُق
ُقامَتْ إلى الأشواقِ تقرأُ دمعها
ما بالُ دمعي في البعيدِ يُحدِّق
ُسِفْرُ الجمالِ على مداخلِ بابِها
والأغنياتُ جداوِلٌ تترقرق
والبابُ جَنْبَ البابِ لُزَّ كعاشقٍ
قد هام وجداً ، بالجوى يَتَمَنْطَق
ُما زالَ قلبي بالطفولةِ عالقاً ،
بين الأزقَّةِ والمقابرِ يُطْلَق
ُما زال حرفي من نداها شارباً
عَبَقَ التلاوةِ ، والطفولةُ أَصْدَق
ُتتلو عليَّ من الإخاءِ شمائلاً
قد أزهرتْ ، وعلى الصدور تعلَّقُ
هي والأزِقَّةُ في نسيج محبَّة
ٍ هي والتواشجُ لُحْمةٌ تَتَعَمَّق
َلم تعرفِ الأيَّامُ غيرَ خلودِها
هذا الخلودُ من التسامحِ يَعْبَقُ
مَنْ زارَها يلمُسْ أريجَ طباعِها
أيَّانَ جئْتَ وجدْتَها تتأنَّق
ُقالوا : هي الشهباءُ ؟ قلتُ : صدقتُم
ُإنِّي بلا تَذْكارِها أتمزَّق
ُقالوا : لك الشهباءُ مَنْهَلُ عاشقٍ
مُتَوَلِّهٍ . فأشَرْتُ إني أغرق
قالتْ : لكَ الإنعاشُ من رئتي فقلْـ
ـتُ : أَجَلْ ، أتَيْتُكِ بالجوى أتنشَّق
ُإنِّي رفعْت ُبيارقي وتنهُّدي
حتَّى رأيتُ المجدَ كيف يُحلِّقُ
قابلْتِ زهوي بالطراوة والهدى
وأنا الذي وَجَدَ الضياءَ يُمَوْسَق
ُهذا بيانُكِ في الحجارةِ مُبْدِعاً
يا روعةَ الإعجازِ حين يُنَسَّق
ُمنذا أتاكِ ؟ ولم يجدْ متأذبا
ً أو حاذِقاً يحنو عليك ويعشَق
ُإنَّ الزمانَ لشاهِدٌ و موثَّق
ٌيا لوعةَ الآثارِ لمَّا تُسْرَق
ُشهباءُ والأحلامُ أمْسَتْ روضة
ًفالدوحُ في مُقَلِ الضيوفِ يُزقزِق
ُقودي شراعَ الخيرِ بعد قطيعة
ٍأيَّانَ نُرْجِعُ نورَنا ونُرَتِّق
ُأيانَ أقرأُ عزَّ مَنْ غافَلْتَهم
فذهَبْتُ أثقبُ فكرَهمْ وافرِّق
ُأنتِ الهوى ، أنتِ البيانُ وسرُّه
كم أنشدوك ، وكم حباكِ المطلَق
ُلولاكِ ، يا حسناءُ ، ما عُرِفَ النّدى
جودي علينا والحكايا تُرْهِق
ُجودي ، فبعضُ الجودِ منكِ سفائنٌ
وعرائشٌ ،والشوقُ بابٌ مُغْلَق
ُكم هزَّني أنداءُ مَنْ أحبَبْتُهم
حبِّي إليكِ مُوَقَّعٌ ومُوَثَّق
ُطارَ الفؤادُ إليك في غسقِ الرَّدى
ورأى الدموعَ على المنابر تُخْنَقُ
قلبانِ لي ، رئتان لي . لا تعجبي
اثنينِ كنا .والزّمانِ مِصَدِّق
ٌاثنين صرْنا ، والمواجِعُ بيننا
اثنين قُمْنا ، والوشاةُ تسلّقوا
صَدَّقْتُ قلبي ، كلَّما حادثْتُها
من ينكِرُ الإحسانَ يا مُتَشَدِّقَ؟
مَنْ جاءَ للشهباءِ يفتحُ قلْبَها
وجَدَ المحبَّةَ بالمحبَّةِ تُلْصَق
ُإن غبتُ عنها لم تغبْ عن مقلتي
قلبُ المحبِّ بمنْ يحبُّ مُعَلَّق
ُعتبي على من يدَّعي حبّاّ لها
كيف الحبيبُ لمن يحبُّ يُمزِّقُ؟
انظرْ إلى الشهباءِ واقرأْ عشقَها
ثمرُ المواسمِ من لماها يَنْطِقُ
-----------
القصيدة من ديوان" من مقامات العشق الحلبي"2009 دار إنانا
تعليقات
إرسال تعليق