في ذكرى رحيل أحمد دوغان /محمود محمد أسد
يومية سياسية تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر - حلب
الأديب أحمد دوغان في ذكرى رحيله الثانية
حلب
ثقافة
الاثنين29-8-2011
محمود محمد أسد
سنتان تمران من عمر الزمن ، وما أكثر الراحلين الأوفياء بعطائهم وسلوكهم وطبعهم ، يرحلون أمامنا، وتبقى مآثرهم وماتركوه للآخرين من أعمال وعطاءات، تبقى صدقة جارية ، يجازون عليها خير الجزاء، تبقى مرجعاً للباحثين والدارسين.
الصديق الحاضر الغائب سلام الله عليكم ، الأخ الباقي في حدائق ورياض المعرفة، أحييك وأهنئك بقدوم شهر رمضان والعيد، أشعر بالوحدة والتقصير، أشعر بالتلكؤ والاضطراب، وأنا أخاطبك بعد سنتين من الرحيل، وأنت الحريص على التقاط الشاردة والواردة عن حلب والمشهد الثقافي ، عرفتك صبوراً ولحوحاً ومتحدياً ومشاغباً، وتحلو لك هذه الكلمة، أتصورك في القاعات والسهرات الأدبية وهي تخرج من فيك ببراءة. واليوم اسمح لي باستخدامها من معجمك، وكلانا راصد ومتابع ومحب لحلب عملاً ونتاجاً . أدرك مدى حبك لعملك ، ومدى صبرك ومتابعتك ، أراك تنتقل من مكتبة إلى مكتبة ، الأخ العزيز أتصورك وأنت تعاتبني، وتحملني رسالة فيها عبرة، وفيها حسرة، تقول فيها الكثير بلغة الصمت وهز الرأس، وكثيراً ماكنت تستعين بالبكاء كلغة صافية تنوب عن كل القواميس .
نعم لم أقدر على حضور تشييعك، وقد حالت الظروف دون ذلك، وما زلت بحسرة، لأنني كنت في ايران وقرأت خبر نعيك من صحيفة تشرين ، حدث هذا أثناء عودتي وأنا في الطائرة، ويعلم الله مدى حزني . أدركت مدى الخسارة التي سوف تحيط بالمشهد الثقافي الحلبي ـ وأنت الراصد والمشارك بمختلف الأنشطة.
لقد تسابق الأصدقاء والأدباء للتعبير عن حزنهم ومشاعرهم لفراقك المباغت في رمضان ، وقد بادرت مجلة الثقافة ومديرها الأديب مدحت عكاش بإصدار عدد خاص عن مسيرتك وعطائك وهو عدد يليق بأمثالك العاملين بدأب والمصارعين للمصائب والواقفين في وجه المرض والموت إلى آخر دقيقة ، ولم تقصر صحيفة الجماهير التي نشرت العديد من الدراسات والانطباعات والأخبار عنك . رحمة الله عليك في هذه الأيام المباركة ياأبا قدور، لأنك زرعت الحب ، وعملت لأجله، فكرمتك الجزائر في حياتك أكثر من مرة، وقد أخفيت على بعضنا منحك الدكتوراة الفخرية من الجزائر تقديراً لأبحاثك الكثيرة وكتبك عن الأدب الجزائري. وبعد رحيلك قامت بتسمية شارع في العاصمة باسمك، وهذا لم نفعله، وأنت الذي قدم أكثر من كتاب وعمل كرمى لعين حلب التي عشقتها حتى الثمالة. ويعرف ذلك أصحاب الخبرة والمتابعة، ولايجحد الحقوق إلا جاحد وناكر .
الأخ المؤمن بما قدره الله له والصابر على مااختبره الله، لقد مرت الذكرى الأولى وهذه الثانية ويؤسفني أن أخبرك بأن الذين تسابقوا في البداية اكتفوا بالنسيان، لاتحزن مازلت الرجل الفاعل والمفعل للمشهد الثقافي ، وكم كنت أتمنى أن تكون بجسدك وروحك معنا ونحن نتحدث ونوزع الكتاب الخامس من سلسلة "أدباء من حلب في النصف الثاني من القرن العشرين" وكرمى لخاطرك والله عدت للعمل في الكتاب الخامس وأنا الذي أعلنت أنني توقفت عن العمل لأمور تخصني ، لكن حفل تأبينك في مديرية الثقافة أخجلني أمام الأحباب ، فعدت برغبة وحب .
الكتاب الخامس لم ينسك، ولم يتجاهل دورك ومساهمتك وأنت واحد من المؤسسين الذين تحدوا الظروف قبل رحيلك، وقلت: سنعمل للجزء الخامس ولو تخلى الجميع. أبشر ، ظهر الكتاب وهناك ملف خاص عنك وفيه اعتراف بفضلك ومكانتك، وقد شارك فيه صديقنا الأديب فواز حجو وهناك ثلاث مقابلات معك وقصيدة رثاء فيك، ولاأخفيك أيها العزيز أنني وغيري استأنا لأن الملف لا يتناسب مع عطائك وينقصه الكثير ، واذا ما تحدثنا فيه أكثر من مرة، واعترفنا بالتقصير نحوك والذي جاء مغايراً لما كنا نأمله. وقد نقدنا في ذلك الصحفي عبد الرحمن حمادي في صحيفة الجماهير ومعه الحق ، ونحن ، اللجنة ، نتحمل الوزر والمسؤولية، حسبي أن أقول أن وراء الأكمة ما لايقال .
الأخ الحي بيننا في ملتقى القصة القصيرة جداً للعام القادم ، سمت اللجنة ، وأنت أحد أعضائها الدورة باسمك تقديراً وعربوناً، وأنت من رعى وعمل وطبع مجموعة "قطوف قلم جريء" في دار الثريا التي تملكها، ولاأعرف ماذا حل بها بعدك.
العزيز الراحل أبو قدور افتقدنا صوتك، وافتقدنا مشاريعك ومبادراتك، أنت أدرى مني بشأن مكتبتك الكبيرة، ولاأعرف مصيرها وما حل بها . وآمل أن تكون بخير، أو قدمت لجهات تستفيد منها ، وقد عشت عمرك وراء اقتنائها، فكانت صديقة ملازمة ، وصاحباً وفيا، ونديماً لك.
ماالذي تحمله من أخبار لنا؟ نحن نتحسر على أيام مضت ، وعلاقات طويت، ونتحسر على نفوس انتابها الضجر والقلق، وبنت عالمها البعيد عن معترك الحياة، هل علمت بمهرجان عمر أبو ريشة في دورته الأولى؟ هل وصلك خبر تأسيس المنتدى الثقافي الشهري؟ ابث لك البشرى ، وأنت أكثر الناس فرحا لهذه الأخبار ، اصدرت صحيفة الجماهير ملحقها الثقافي "فضاءات" والذي يصدر يوم الاثنين كل أسبوعين ليتك تراه لترى الجهد والتنوع والتطور البارز . وسوف أعلمك عن اعداد مديرية الثقافة لإصدار مجلة فصلية "الشهباء الثقافية" واننا نعد العدة لإصدار الكتاب السادس والأخير من سلسلة أدباء من حلب ، وقد احتفظنا بحقك مؤسساً ومشاركاً .
الأخ العزيز خفف العتب عن الأصدقاء، والتمس عذرا لهم إن قصروا، أنت وأمثالك ممن رحلوا ولكنهم تركوا الرائع من عطائهم يستحقون ندوة أو ندوات لدراسة أدبهم، عساني أبث لك الخبر قريباً عندما تبادر المؤسسات التي بادرت للتعاون والعمل معها خلال مراحل حياتك الحافلة بالعطاء كنادي التمثيل العربي وجلهم أصدقاؤك أدباً وعلاقة ونتاجاً . ونقابة المعلمين التي عملت لأجلها سنوات دون كلل ، وهناك من يعرف ذلك وهو على رأس هرمها . فاعذرها لأنها لم تحضر نهائياً حفل تأبينك، هاتفهم وتقبل اعتذاراتهم . لعدم الحضور وعدم إقامة النشاطات على غير المألوف والمعروف .
الأخ الباقي في ذاكرة المدينة التي أحبها ستبقى كتبك وموسوعاتك في ذمة الأجيال والمتابعين لدراستها وانصافها ، رحمك الله ، وأبقى سيرتك سجلاً حافلاً وكل عام والثقافة بخير.
E - mail: jamahir@thawra.com
مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية
تعليقات
إرسال تعليق