ويتنفس الصبح / عبد القادر تلجبيني
ويتنفس الصبح بنفحاته الإيمانية فيعطي الخير والنور ليحمله في طياته بشائر بركة وإيمان وبهجة ويحمل نور الأمل والخير من رب كريم وذلك بعد ليل طويل لتُشرق الشمس ساطعة فتعطي النور لكل الكائنات والناس اجمعين قال تعالى{والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم} وقال تعالى {وأشرقت الأرض بنور ربها} وبفضل خالق الأكوان ومكور الليل على النهار سبحانه قال الله تعالى {قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} "وليس كل من ذاق حلاوة ذلك الحب الإلهي ونشأت بقلبه محبة الإله كسائر الخلق فهوصادق الحب مخلصا بأعماله وأفعاله ونيته مقبل دائما على الطاعات تلمح من اعماله السمو والاخلاق وطيب الكلام ورقته
قال إبراهيم بن الأدهم: "لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف إنه نور الله الذي أضاءت له أرجاء الكون وأضاءت له السموات السبع والأراضين ومن فيهن واضاء بنوره قلوب الصالحين وقلوب المؤمنين قال تعالى {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا} وقال تعالى { يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم}
فسيدنا إبراهيم عليه السلام عندما ذاق حلاوة الإيمان وتشبع قلبه بنور الله وبكل آيات الإيمان قال عنه تعالى( إن ابراهيم كان أمة ) واستطاع أن يواجه بمفرده أشرس طغاة الأرض بعد أن سعروا له النار ظل نور الإيمان في قلبه ولم يستطيعوا زحزحته قيد انمله عن دينه و عن عبادة الله الواحد الأحد ونصره الله عليهم( ويأبى الله إلا ان يتم نوه ولوكره الكافرون) حيث جاء النصر من عند رب السموات والأرض قال تعالى {قلنا يانار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم} "
وقال تعالى {ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده}
وقال تعالى {ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور}
يقول العلامة أبن القيم رحمه الله "فَهَذا النُّورُ إذا تَمَكَّنَ مِنَ القَلْبِ، وأشْرَقَ فِيهِ فاضَ عَلى الجَوارِحِ، فَيُرى أثَرُهُ في الوَجْهِ والعَيْنِ، ويَظْهَرُ في القَوْلِ والعَمَلِ، وقَدْ يَقْوى حَتّى يُشاهِدَهُ صاحِبُهُ عِيانًا، وذَلِكَ لِاسْتِيلاءِ أحْكامِ القَلْبِ عَلَيْهِ، وغَيْبَةِ أحْكامِ النَّفْسِ" وذلك فضل الله سبحانه وتعالى فتبارك الله اذ جعل النور من صفاته ومن أسماءه وجعل القرآن نوراً وجعل دين الله نورا ورسول الله نورا وبيوت عباده الصالحين نورا واحتجب عن عباده بالنور ولولا نوره لتراكمت الظلمات
قال تعالى {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَّحِيمًا} يضرب الله مثلاً يفرق فيه بين الإيمان ودرجات الكفر وبين من ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة وبذلك فهم لايبصرون نور الله بأعينهم ولابقلوبهم قال تعالى {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ}
ودعاء الرسول محمد ﷺ وهو يقسم بنور الله الملجأ الوحيد عند الكرب وعند الإستغاثة بالله رب العالمين فقال مخاطباً الإله سبحانه " أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحِل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك" ويذكرنا الإله سبحانه وتعالى بالحاجة لنوره يوم القيامة وحال الناس يوم يغمرهم الله سبحانه وتعالى بنوره العظيم فيقول تعالى { يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
وعند الحساب حينما تسود وجوه الذين كفروا والمنافقين ويسلبهم الله نوره يوم لانور إلا نوره ويصبحوا في ظلمة كظلمة قلوبهم التي لم يدخلها نور الإيمان طالبين النور من المؤمنين يقول تعالى{يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَٰفِقُونَ وَٱلْمُنَٰفِقَٰتُ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍۢ لَّهُ بَابٌۢ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَٰهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ} وبعكس المؤمن الذي أنار الله بصيرته وقلبه في هدايته في الدنيا متبعاً أوامر الله "قال تعالى{ أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}"
وكلنا نذكر ذلك اللقاء التاريخي بين الإله رب العالمين وسيدنا موسى عندما رأى ناراً وهي نور الله حيث أقترب موسى من تلك النار فنودي من قبل الإله سبحانه {فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحن الله رب العالمين} فلا ينبغي للنار أن تكون ناراً ونور الله يضيء فيها وبورك من حولها أي الملائكة تحف الإله ومعهم سيدنا موسى فعندما أنار الله قلبه بنوره نور الإيمان وقف بقوة بوجه فرعون وجنوده ودعاهم لعبادة الله الواحد الأحد رب العالمين ونصره الله بعد أن أغرق فرعون وجنوده وقال تعالى{ اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية )وكان نور الله نورا عظيما وآية من الإيات التي تستحق كل الإجلال والإكبار عند ما نادى الإله سيدنا موسى في جبل الطور من البقعة المباركة من الشجرة قال تعالى عن ذلك المشهد المهيب {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ولنسأل أنفسنا هل أستطعنا نحن إيصال نور الله وهديه للقلوب المظلمة البعيدة عن نور الله هل حاولنا النفاذ للقلوب التي اهلكتها الضلالة وسيطر الران على قلوبها هل حاولنا بعد أن أستقر في قلوبنا ذلك الإيمان هل حاولنا إضاءة قلوب من أظلمت قلوبهم بالكفر والضلال هل أستطعنا شق صفوف الظلمة لننيرها بما وهبنا الله به من نور وهدي وبالعمل الصالح الذي يرفعه الله لنا "من بين اعمالنا فهو ذخر لنا يوم القيامة عَنْ سَهْلِ بن سعدٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ ﷺ قَالَ لِعَليًّ : فو اللَّهِ لأنْ يهْدِيَ اللَّه بِكَ رجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لكَ من حُمْرِ النَّعم" متفقٌ عليه فكن عونا لاخوك المؤمن بالهاية وزيادة ايمانه بتذكيره بايام الله فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر
انما عليك الهداية والله يختص برحمته من يشاء قال تعالى
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
اللَّهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك وأنر قلوبنا بالإيمان والتقوى والعمل الصالح لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الزميل عبد القادر تلجبيني
تعليقات
إرسال تعليق