الزرافة والنملة الصغيرة/مها حيدر

 الزرافة والنملة الصغيرة

 

وصل الطائر المهاجر الى سامراء أو (  سرَ من رآى) ، حيث الحضارة والعمارة الاسلامية المميزة .

حط على مئذنة الملوية ، بالقرب من ( قصر العاشق ) الذي اشتهر زمن الخلافة العباسية .

من أعلى مئذنة الملوية رآى الطائر ( الزرافة ) تسير في الغابة وهي تشعر بالزهو والتكبر ، لإن كل الحيوانات تلقبها  ( الجميلة ) ، لذلك أصبحت تشعر أنها أفضل من الجميع .

أما النملة الصغيرة ، فقد كانت حزينة جدًا ، وتكلم نفسها قائلة : لماذا انا لست جميلة مثل الزرافة ؟

وبدأت تكرهها كثيرًا ، وتغضب من كل الحيوانات التي تلعب معها أو تكلمها .

في يوم ، كانت النملة ذاهبة الى بيت صديقها ( القرد ) لتقديم التهنئة له بمناسبة نجاحه في المدرسة ، لكنها تراجعت لوجود الزرافة ضيفة عنده ..

غضبت غضبًا شديدًا ، وصرخت : سأقتلك … سأقتلك أيتها الزرافة الغبية .

بعد تفكير طويل ، قررت النملة أن تهاجر الى ( غابة المحبة ) .. ودعت أصدقائها بمودة ولطف ، وقد بدت عليها علامات الحزن والاكتئاب .

بينما كانت في الطريق إلى الغابة ، أحست أن هناك شخصًا يركض وراءها … هرولت محاولة أخذ عصاً مرمية على الأرض ، لكي تدافع عن نفسها ، لكن العصا بدأت تجري بسرعة مبتعدة عنها دون توقف .

صاحت النملة متلهفة : أيتها العصا توقفي … رجاءً توقفي

ردت : لن أتوقف ، هل تريدين أن تصبحي مجرمة ؟!

ردت النملة وهي تشعر بالخوف : ماذا ؟!  لكن هناك من يلاحقني ويجري خلفي .. ويجب أن أدافع عن نفسي .

قالت العصا : أنظري يا صغيرتي .. إنها الزرافة .

ردت النملة وهي متفاجئة: من ؟!!

توقفت عن الجري ، التقطت أنفاسها ، والتفتت نحو الزرافة قائلة : لماذا كنت تلاحقينني ؟

ردت : تبعتك لكي أعتذر منك عن تصرفاتي الوقحة ، ولأنني كنت متكبرة ومغرورة جدًا ، بعد ذهابك أحسست بالذنب ، سامحيني رجاءً.

ابتسمت النملة لها بلطف ، وشكرت العصا كثيرًا ، ورجعتا الى الغابة وقد أصبحتا صديقتين متحابتين .

تفاجأت الحيوانات عندما رأت إن صداقتهن أصبحت أجمل وأقوى ، وان العداوة تحولت الى ود ومحبة .

تقدمت النملة وقصت على الجميع القصة كاملة ، وفي النهاية قالت : هذا الذي لا يثق بنفسه .

قالت الزرافة : وهذا الذي تكبر تكبرًا شديدًا .

فرح الطائر المهاجر بما شاهده ، وقدم لهم التحية والاحترام .

بعدها واصل رحلته الى مكان جديد.


مها حيدر

من مجموعتي القصصية ( الطائر المهاجر )

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء