هواية / محمد كامل

 هواية

في هذا الصباح نهضت متكاسلًا، جررتُ قدميَّ خارجًا ألتمس تنفيذ بعض المهام، مررت بجوار دكان البقالة على ناصية الشارع، توقفت لشراء علبة سجائر، لفتت انتباهي الزينة المعلقة على جوانبه، تراصت بضائع ثمينة على الرفوف، بدا كل شيء مزين في ثوب جديد، وكأنها احتفالية كبرى تم إعدادها جيدًا. 

جالت عيناي في المكان تبحث عن السيدة العجوز صاحبة المحل، اضجرت من شكواها المتكررة وطلبها معاونتي كلما رأتني، ولكنني وجدت أخرى ترتدي ثيابًا فاخرة، دنوت منها قليلًا، أزكمت أنفي رائحتها العطرة، بادرتها بالسؤال..

- أين ذهبت أم سليم؟

- أمامك يا أستاذ سيد ألا تعرفني؟ 

ألتفت يمينًا ويسارًا، ولكنني لم أعثر عليها، قاطعتني السيدة الثرية، سرى صوتها الذي لا أجهله داخلي، أقرت أنها من أقصد، قالت بصوت رصين يشوبه بعض من الخجل..

- أنا أمامك اتفضل أي خدمة.

- ولكن كيف يكون هذا، ماذا حدث؟

رمقتها طويلا بعد أن تبدل حالها، وكأنها صارت إحدى بطلات السينما أو سيدات الأعمال، هل غيابي عنها عدة أيام أحدث ذاك التغيير، حاولت أن استوعب ما يجري، سألتها بتعجب وحيرة: 

- ماذا جرى يا أم سليم؟ من أين كل هذا؟

ردت باسمة:

- اقنعوني أولادي أن أغني، واستجبت لرغبتهم. 

- وماذا بعد ذلك ؟ 

- أصبح الفيديو الذي نشرته تريند وحصل على أعلى نسب مشاهدة، مارست هوايتي القديمة. 

قالتها بتلعثم، ولكن هل هي تدرك معنى ما تقول، لم تكن تملك شيئا في البداية، كيف سجلت أغنيتها؟ ومن عاونها على ذلك؟ استطردت في حديثها مكملة:

- أرسلوا لي كثيرًا من الأموال. 

- أي أموال وأي هواية تلك؟ وأي فيديو هذا؟ 

كان علىِّ أن أؤمن أن الوسائل الحديثة منحت هذه السيدة البائسة الكثير، طال تفكيري في حالي، أنا أعمل ليلًا ونهارًا، وبالكاد دخلي يكفي نفقاتي الأساسية، هل أخطأت أنني لم أمارس الغناء، وكان هوايتي المفضلة، هل من الأفضل أن أغني لضمان مستقبلي، وبديلًا عن عمل مضن ولا طائل من وراءه، رددت كلمات أغنيتي التي أحببتها، ولكن صوتي خرج مبحوحًا ومهتزًا وكأنه يعاندني.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء