تسموا النفوس وترتقي / عبد القادر تلجبيني
تسموا النفوس وترتقي لتضيء بنورها القلوب الصافية النقية فيغدو سنا نورها كأنه الياقوت والمرجان وتغمر تلك القلوب جواهر القناعة والرضا بما وهبها الله سبحانه و بما قسم لها من نعم ورزق فتتجلى نفوسهم بصفة العفة والطهارة مكللة بالقناعة وذلك بما وهبها الله من رزق حلال طيب دون النظر بعين الحسد لمايملك الآخرين من نعم ولما اعطوا من فضل الله لأن تلك النعم زائلة لامحال وهي زينة الحياة الدنيا ليفتنهم الله فيها قال تعالى (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بعض درجات ) فمن قنع بما أعطي ورضي بما أوتي من نعمة الله وفضله فقد فاز بنعمة الرضا وارتاحت سريرته بالقناعة ودخلت الطمأنينة والسعادة والرضا قلبه بما قدر له الله من رزق ومتاع قال تعالى ( وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِۦٓ أَزْوَٰجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ) وهذه هي القناعة والرضا فالحسد حصاده الخسارة في الدنيا و في الآخرة ويورث في القلب كذلك الطغينة والغل والعداوة ولا يورث بنفس صاحبه غير القهر والكآبة والضياع بإنشغاله بما آتى الله غيره من رزق ومتاع وهو متاع الحياة الدنيا فعندما تزهر في نفسك نفحات من الطيب والمودة والإيثار لتتجلى مظاهرها بماتنثره من عبق أنفاسك آيات من السماحة والأصالة ممزوجة بالصفاء الروحي ورقي الأخلاق والعفة ونعمة القناعة إقنع بما عندك تكن أغنى الناس فالقلب الطيب الموقن بقدر الله هو الإناء الذي ينضح بجواهر الحكمة والإيثار والنقاء لأنه لايحمل بقلبه الحسد والغل للآخرين بل يحمل بنبضاته القناعة بما وهبها الله له من عطاء فينبذ الحسد والبغضة والغل زاهدا بما يملك من نعمة وفضل قانع بما عنده لأنه يدرك بقناعته بان كل شيء إنما هو زائل لامحال فالحسد يبعث في النفس الكراهية والبغضة والجشع وهو شعور عاطفي وذلك بتمني زوال قوة أو إنجاز أو ملك أو ميزة من شخص آخر والحصول عليها دون الآخر فيكن له الضغينة والرغبة في زوال نعمته وبشتى الوسائل المتاحة له بعكس من يملك القناعة والرضا يتمنى الخير للجميع وباتساع رقعة الحسد يكبر الحقد والغل والضغينة و تتنافر القلوب وتظهر صفة العدوانية كما حصل لإخوة يوسف قال تعالى ﴿ إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِنۢ بَعْدِهِۦ قَوْمًا صَٰلِحِينَ)
وما سبب عداوة قريش لرسول الله إلا لأن الله تعالى قد اختصه بالدعوة دون عشيرتهم وأولادهم إذ كان يستمع أبوجهل للقرأن خلسة ويعظمه بقكره لكن قلبه يمتلئ بأنانيته حقدا وحسدا على الرسول لتصل بعدها عداوته لقتال الرسول وهو عمه وإشعال الحروب حيث قال تعالى {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ) وقال تعالى (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) فلتكن القناعة بلسما لقلوبنا فيما يعطيه الله لنا وبما وهب لغيرنا من نعم قال تعالى( ولاتمدن عيناك الى مامتعنا به أزواجا منهم زهرة اللحياة الدنيا لنفتنهم فيه) ولا نراقب الناس من راقب الناس مات هما ولا نركز على نجاح الآخرين للرغبة في إسقاطهم حسدا وبدافع الغيرة ونقوم بنشر معلومات كاذبة عنهم وذلك لتشويه سمعتهم لتدميرهم ليعيشوا باقي حياتهم بكآبة وحزن بظلمنا وبجشعنا وبحسدنا قال تعالى﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ) قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. وقال لا تحاسدوا ولاتباغضوا ولا تناجشوا وكونوا عباد الله اخوانا
فما أحوجنا في هذه الأيام القاسية الصعبة لتآلف القلوب والمحبة أن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك تراحم ومودة وإيثار بظروف صعبة نعيشها من كوارث وحروب وبأن تكون قلوبنا وأجسادنا جسرا للمودة والرحمة ليعبر عليها من أتعبته ظروف الحياة إبتسامة وجبر خواطر ومسارعة في الخيرات وعطاء وعمل صالح نقدمه بإخلاص وتراحم ووئام سيرتفع بذلك مقامك في الدنيا وفي الآخرة قال تعالى (ونزعنا مافي صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين)
واسمحولي وبمناسبة ولادة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم رسول الهدى والسلام أن ابعث إليكم بأحر التهاني والمباركة وكل عام وانتم بالف خير
الزميل عبد القادر تلجبيني
تعليقات
إرسال تعليق