المعرفة بين الحضارات / أحمد بلول المسعدي / الجلفة / الجزائر
المعرفة بين الحضارات
لا تُؤَسَّسُ حضارة ٌ، ولا تبنَى إلّا بعلم ، ولا تقوم إلا على أنقاض حضارة أخرى أو بمعرفة مشابهة لها، ولا تقوم معرفة ٌ إلاّ بعلم ، كما أنّه لا مولوداً إلاّ بوالد ، ولا عالماً إلا بمعلِّم ، ولا ينكر عالمٌ أو باحثٌ أنّ الحضارة الغربية قامت على أنقاض الحضارة الإسلامية العربية ، ولكن ما ينكره العقل ، وعلم التوثيق، والمواثيق و الأعراف، وكلّ الأخلاقيات ، هو التبنّي المعرفي أو قلْ السرقة العلمية ، فعلماء الغرب لم يسرقوا مخلفات حضارتنا بالتبنّي من شتّى العلوم والمعا رف بل سرقوا ثرواتنا وعقولنا ، فحوّلوا ثقافتنا عن قبلتها ، وأفكارنا عن وجهتها ، وألبسونا ثيابا غير ثيابنا ، ولا يحلو لنا طعامٌ الّا بشهية غربية ، فأدخلوا الغريب في لغتنا وخطابنا ولا يزالون كذلك إلى يومنا، والمأساة المأساة لا ينظّر باحث ولا يحاضر محاضِر ولا يعلو له خطابٌ ، ولا يستقيم له لسان ولا يدلّل ببيانٍ إلا بمصطلحاتٍ غربية التي هي في الغالب من أصول معرفة عربية ألبسوها مصطلحاتٍ ، وزادوها مفاهيمَ تشبه إلى حدٍ بعيد ما ألبسوه لنا من ثقافة وأفكار، فتهافت أساتذتنا من كلّ الحقول المعرفية ليعلوَ خطابُهم المنابرَ والمدرّجات، فتنافسها طلّابُنا اقتداءً لكسب الدرجات ، و تحصيل الشهادات ، فأصبح سياق الجامعة كسياق الاجتماع كسياق السياسة كلٌّ تابعٌ بما يشبه السارقَ المشبوه ، هذا و يستثنى من ذلك بعضُ علمائنا الذين دافعوا كلٌّ في مجاله المعرفيّ من أمثال الحاج الدكتور عبد الرحمن صالح ، والدكتور تمام حسّان رحمهما الله .
أحمد بلول المسعديّ / الجلفة/ الجزائر
تعليقات
إرسال تعليق