لعله كان / يمان ياسرجي

قصة من مجموعتي القصصية الجديدة :
لعلّه كان 

في 1/1/ 2010
اضطرب قلبها وهي تكاد تصل إلى الوريقات القليلة المتبقّية من تلك الوردة المسكينة، والّتي كانت قبل قليلٍ وردةً فوّاحةً، قدّمها لها ضمن باقةٍ من الورود، مَنْ تشغف به حبّاً..
"يحبّني".. "لا يحبّني".. "يحبّني".. "لا.....
وارتعشت أناملها وهي تلتقط الوريقة الأخيرة، وقد وافقت لفظة "لا يحبّني".. قالت لنفسها: إذن هو لا يحبّني..
وجمت طويلاً.. وهي تنظر إلى الوريقات المتناثرة أمامها، ثمّ جمعتْها بلطفٍ وتشمّمتها، أرادت أن تعيد التّجربة ثانيةً.. تساءلت: ترى بأيّ لفظةٍ بدأتْ؟! أبيحبّني أم بلا يحبّني؟!حتّى تعيد الكرّة مبتدئةً بلفظةٍ مغايرةٍ، لكنّها لم تعد تذكر بأيّها بدأتْ...
التقطت وردةً أخرى أكبر حجماً، أمسكت بوريقتها الأولى، وهي تنوي الإبحار في خضم هذا التّساؤل السّاذج العقيم.. تردّدت.. طفرت من عينيها دمعتان باردتان.. لقد أوصلها من شغفت به حبّاً إلى مشارف العنوسة والجنون، ها هي تحتفل اليوم بعامها الثّلاثين، وقد رفضت من أجله كلّ الخُطّاب الّذين تقدّموا لها.. انتظرته طويلاً لتدلف معه إلى جنّة أسرةٍ صغيرةٍ حلوةٍ، تحقّق لها أمومتها الظّامئة، وتُشيد باسمه واسمها صرح علاقةٍ اجتماعيّةٍ معلنة.
أين هو الآن؟! ما الّذي يبذله في سبيل ارتباطهما؟! إنّها تفعل من أجله المستحيل، فهل تراه يفعل من أجلها الممكن؟!!
في 1/1/2020
كانت في طريقها لشراء قالب الكاتو للاحتفال بعيد ميلادها الأربعين، كانت تمسك بيد ابن أختها ذي الأعوام الخمسة، رأته يحمل بيده رضيعاً، بينما يجرّ بيده الأخرى طفلةً تبدو في الرّابعة من عمرها، وإلى جواره امرأةٌ تقود عربة أطفالٍ ينام فيها الرّضيع التوءم الآخر... تجلّدت كثيراً قبل أن تنحّي نظرها عنه، وقد لاحظت أنّه لم ينتبه لمرورها قربه.. غالبت عاصفة الدّموع الّتي عصفت بروحها، ووجدانها، وعينيها، وما إن وصلت إلى منزلها حتّى سارعت إلى وريقات الوردة المجفّفة، والّتي احتفظت بها طيلة هذه الأعوام، استخرجتها من طيات كتابٍ قديمٍ، ثمّ فتحت نافذتها ونثرتها في الهواء وهي تقول: لعلّه كان يحبّني.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء