موغل في غربة الوطن / زيان معيلبي ( أبو أبوب الزياني )
موغلُ في غربة الوطن... حد للقهر
حالماً بأنهار لا تجف..
ووطنِِ لا يغيب..
وحكامِِ لا يدمنون القمع
و إدارة السجون....
وكلماتِِ لا تمارس العهر
تكسباً وارتزاقاً.....
وشعراء لا يطبعون شفاههم
على نعال السلطان....!!
حالماً بأمهات لا يمتن من القهر
انتظاراً لأبنائهن الغائيبن..!!
وأطفالِِ لا تشيخُ نبضات
طفولتهم حتى الخمسين...!!
وشبان لا يدفعون زهرات
أعمارهم......
ثمناً لشهواتِِ مجنونة...!!
حالماً بوطنِِ مستحيل..!!
واقفاً على بوابات الحلم...
أقرعُ أجراسَ الذكريات
فـلا يجيبني أحد.....!!
أنادي الذين أعرفهم بأسمائهم
واحداً... واحداً... ولا
من مجيب.....!!
تبتلعني الأمواجُ القادمة من
أقصى الحزن..
وتقتعلني العواصف المتطاولة
إلى الأعماق....
فأغرق في دومة الحنين
الجارف إلى ألق العيون السود..
والجدائل المعلقة في أطرف
روحي...!!
أدخلُ غابات تكتظ بالمتاهة
والنسيان....
تتنامى فيها أشجارُ لا تعطي
ثمراً......
ولا تصنع ظلاً....
ولا تؤوي عصفوراً...!
أبحث عن شبرِِ
أضع فيه قدمي المتعبة
من الدوران، في الدهاليز
التي لا تنتهي في مكانِِ
ولا تبدأ من مكان....!!
تلك الأطياف النائية في أقصى
خلجات الروح...
تحاصرُ أشواقي..
بأناشيدَ...
و تراتيل...
و تمتمات..
فلا أملك إلاَّ الذوبانَ في إيقاعها
الشجي...
مغموراً برائحةِ المطر
الهاطل بذكراهم....!!
في طرقات ذلك الذي كان
اسم الوطن....
وفي دوامات المنفى...
كنت أقف ويداي منارتان
تشيران للراحلين عبر بوابات
الودع...
والقلب يخفق بأسمايهم
وهم يعبرون الى عوالم أخرى..
على صهيل الموت النامي
ثمراً من أعوادِ المشانقِ
وإلى أقبية العَفن والنسيانِ
وراء قضبان الحقد والضغينة..
أو عبرَ أرصفة التيه والضياع
إلى دنيا اللَّه التي أزدحمت بالمنافي..
وحيث تغيب صورهم...
وتنقطعُ أخبارهم...
يتحولون إلى أشباح تنزف
رعباً ليلياً...
ويصبح مجردُ ذكراهم..
نهراً من دموعِِ وحنين..!!
وهمُ كبيرُ....
حكاية الوطن الثاني...!!
فليس للقلب إلاّ وطنُ واحد..
وما سواه...
قبرُ.... أو سجنُ...
أو منفى...
أو ضيافة في أرقى الحالات...!!
ويبقى الشاعرُ مربوطاً إلى وطنه
بمشيمة الشعر والشوق...
التي تمده برائحة الطفولة القادمة
من أعماق العمر.. والوطن
أيتها السنوات العابقةُ بأريج أمي..
والنخلة اليتيمة في حديقة بيتي..
وشجيرات الرمان....
والآس...
وأصوات أخواتي وإخوتي...
هل من عودة لكل ذلك...؟!
هذا الماثل أمامكم...
قصيدةُ صنعها النفي والآلام...
بلا وزن ولا قافية...
ولا حتى كلمات...!!
ها أنا الآن...
بقايا هيكل من حنين..
مؤطرِِ بنقيعِ الحزن والذكريات..!
موغلُ في الغرب حدَّ اليتم...!
أزرعُ ذبالة الأيام الباقية...
برياحين الأحلام وعرائس الطفولة...
باحثاُ عن وطن لأولادي الصغار..
فكم يرعبني أن أغادرهم...
بلا ظل نخلة...!
أو دفء هوية..!!
أو بضعة أشبارِ...
في هذه الأرض العريضة.....
يقال لها وطــــــــن..!!
_زيان معيلبي (أبو أيوب الزياني)
تعليقات
إرسال تعليق