نص مفتوح../محمود محمد أسد

 نصّ مفتوح على النّصوص المغلقة                          كلمات تصطفي دلالاتها                                            للشوق مساحات ولغات يبوح بها العشق.                     لا شيء يلفت النظر، ولا داعي للعجب فالشعر بضاعة متعبة .                     كأنّ الكلامَ حقولُ المحبّة.


                     وبعضُ السّلامِ يفيض بعطرِ المودّةْ                     سائليني عن شتاتي عن سوادي                      عن بياضي وارتضائي                      اعتبرْني يا صديقي من زجاجْ .

أما زلتَ مثلي تقبّل يد قاتلك ووليّ نعمتك؟، وتمسح الدم عن حدّ السيف وتحمد  الله  على السلامة والأمن؟

أنا واحد لم يُعطَ من عمره إلا الصبر وتحمّل المكروه ولعنة المجرمين. أنا واحد من شعب ارتكب إثم التسمية والقناعات المفزعة.               هناك صديق يُراوغُ حتّى افتضاح المكيدةْ.                       هناك ابتلاء نديّ المرافئْ                 أتعشقُ نعشكَ يا قارئاً للجريدةْ؟                   رياحي تُترجمُ للماء لون العيونِ                     مياهي تحاورُ همسَ الجفون                      فكن مثل حزني يُمازحُ                     عطرَ الدماء المضيئة..

  رؤية السماء في ليلة ماطرة تنعش ربيع الفرح القادم

   الطفل يبكي  ونحن نضحك، الأطفال يجوعون وغيرنا متخَم حتى اقترب من الانفجار

 شيء من حسن توزيع الثروة والحزن والتعب والمحبّة 

 أشياء لا تقرأ أسفار المعذّبين، ولا تفكّ معجم المعاقين إلا عن الضياع المنهك . 

أقدم على الحياة والعمل متسلّحا بالتقوى والورع والإخلاص تأت إليك النتائج وأنتَ مرتاح البال والضمير.

أقدم إلى عمل الخير وزرعه وأنت صافي السريرة ونقي السريرة. لا تلتفتْ لغايات دنيوية تأخذك إلى الضياع وغضب الله.

العام يحزم حقائبه محمّلا بذكريات مريرة لا تسرّ إلا المجرمين الذين ارتضوا قتل الملايين من شعب سوريا الذين لم يجدوا إلا الكذب والغدر والتصريحات في زمن هجرته المروءة واستوطنته النذالة المشبعة بكلّ أصناف الضغينة والكيد.

تسألني عن أمور لا أراها في مسار حياة البائسين المنكوبين. تسألني عن نتائج المباريات وعن أحدث المبتكرات وأجيال الحاسوب والجوالات والسيّارات. فاتك جوابي الذي لم يُعجبْكَ فأغلقت بصرك وبصيرتك وأذنيك عن جواب أبديتُه بلغة هزّ الرأس وقول لا حول ولا قوّة إلا بالله أشرح لك بإيجاز أحدث المبتكرات لأساليب الموت: المباراة الكبرى لنشر الموت وصانعوه في سوريا، والحكام مجرمو العالم ، والفائز الأكبر عصابات الإجرام العالمية والجمهور العظيم مليارات البشر،والنتيحة تشرّد ونزوح وقتل الملايين على مرأى من مجالس الأمن وجمعيات حقوق الإنسان.               المجرمون تبادلوا الأدوارا    والشعبُ صار بضاعةً وحمارا               المجرمون تحكّموا بمسارنا     والسّاسة  العيّارُ باعوا الدّارا

الموت شكل آخر من أشكال تفسير فلسفة الحياة .

والفلسفة شكل آخر من أشكال استقبال الموت.

الدقائق والساعات الأخيرة من العام ثقبت كيسها ورمت محاصيلها في عرض البحر ، الغواصون تخلّوا عن مهاراتهم وبراعتهم . أحدهم قال: إنهم نسوا السباحة وقبلها نسوا أبجدية الحب والقراءة.

لا يمتلك المقصّ حق الاختيار الذي يتملكه ويتحكّم به الرقيب الأهوج. سلّمونا لراحة البال فاختزلوا الكون بعبارة" ماشي الحال" وأنا اختزلتُ الحقيقة بقولي :" لا فرق بين الموت والحياة . الموت لغة للفلاسفة وخلاص للبائسين"

الموسيقى والرياضة والشعر والرسم تتعرّض للعداء، وتصادرها الأهواء ، وتتصرّف بها النفوس المشوّهة التي لم تدخل مدرسة الحياة.

أتريدني أن أكون المصدّق والمصفّق والمروّج ؟ أترغب منّي هزّ الرأس وترديد الشعارات؟ أتحاسبني على لون حذائي وقصّة شعري وتركي للحيتي؟ أتصفّي المحمول والجوّال من كلّ الأغاني ؟ أتعيد إليّ المسار الصحيح؟ أعرف أنّك تستطيع ذلك وأكثر ما دمت جاهلا وتدّعي العلم والورع والخير,لا يمكن أن يكون غير هذا ما دمت تحادثني وبندقيّك ومدفعك وسلاحك موجّه عليّ ويتكلّم نيابة عنك. هذه سخرية العالم المجنون وموطنه العالم العربي . 

الفرصة الوحيدة لتنمية ثروتك وإعادة كيانك المفقود في زمن الحروب أن تستغني عن نفسك وثقافتك واهلك. لاتقل لي : وأهلك. لأنّ الدائرة تتسع مع حسن تحديد وتثبيت المركز.

لماذا يعذّبني ويبكيني وطني؟ لماذا تلطمني كتبي وكتاباتي ورسائل الأحبّة؟ لماذا لا ألتفت إلى ما تبقّى من دعوات الوالدين؟ لماذا لا تُصادفني الأشجار والأزهار وتلقي عليّ تحيّة الصباح؟  لماذا لم أعد أُصغي إلى أغاني فيروز ؟ لماذا يعبس ويتجهّم في وجهي قبر أبي وقبر أمّي؟

الأسئلة أكبر من محيطات العالم. وأوسع من جراح المقهورين المسحوقين. وأضيق من مسافات الوجع الرابض على شفاهنا من أربعة عشر قرنا. لا أنتظر الإجابة. وما جدواها عندما لا أحسن القراءة ولا الاعتبار. رغبة بالموت . وأملٌ بالبعث من جديد.

إذا شعرتَ بضيق الأفق واتّساع الرؤية معاً فأنتَ مرهون لاتّساع الصّدمة ، وأنتَ مقبلٌ على شيءٍ من قبض الحقيقة التي تأبى أن يُمثّلها الانهيار النفسي والأخلاقي.

عندما لا حظتُ على معالم الناس الكثير من مفردات العذاب والاغتراب تأكّدْت من قسوة الأخوة الأشقّاء.

لا جدوى من كلّ الصّحف والكتب والقنوات الفضائية مادام سيّد الوقت والأمان والحدث العيارَ الناري. علمتُ من صمت الآخرين أنّ الأمرَ معرّض للسمسرة والمتاجرة.

أحيانا أكذب قلمي ونفسي وأدّعي التفاؤل. يأتيني صوت غميق قويّ جارح صادم: أنتَ رجل من أصناف الرّجال الذين تربّوا على الإعلام العربي. وماأدراك ما الإعلام العربي؟ مقولة لانتزاع اليأس قبل مكوثه في غياب الغياب الفكري.


محمود محمد أسد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء