من يوميات الصمت/محمود محمد أسد
محمود محمد أسد
من يوميات الصَّمت المعَلّب
أتيتُمْ إليْنا بموسِم جوعٍ
جفانا طويلاً طويلا ..
فكنْتُمْ سهاماً، رياحاً تحرِّك صَخْراً
ولكنْ أبَتْ أنْ تهزَّ العقولا ..
أتيتُمْ بموسِم عشقٍ يقيمُ على البؤسِ
بعدَ سنينَ عجافٍ
منَ القهرِ والقتلِ حتى عشقنا العويلا..
* *
عَقَدْتُمْ مواثيقَ حبٍّ
ونحنُ رسمنا لكم لوحةً من جليدٍ،
ربَطْتُمْ بطونكمُ، ثمَّ جِئْتُمْ إلينا،
بنا سيضيعُ الطريقُ
ويزدادُ حجمُ المصيرْ ..
رفَعْتُمْ صدوركمُ للسَّماءِ
وعينُ الأنامِ تنامُ على موعدٍ من سرابِ السلامِ..
بكمْ سوفَ تخبو الجراحُ
وتونِعُ أحجارُ مَرْجِ الجليلْ..
صُلِبْتُمْ بنارِ الوعودِ
وسيفِ الظنون
صُلِبْتُمْ وعينُ العروبَةِ تبكي
ويحفُرُ فيها اللِّئامُ قبوراً
تميتُ الزهورَ التي دنَّسوها
طُرِدْتُمْ أمامَ الحضورِ
ملأتُمْ أمامَ الحضورِ
مواسِمنا مِنْ أريج الدماءِ
وبَعْدَ الدماءِ حدائقُ حبٍّ
لكلِّ الصغارِ، لكلِّ الفصولِ..
* *
نَبَغْتُمْ لإملاءِ وقتٍ
بُعِثْتُمْ، لأنَّا ملَلْنا الملاعِبَ
والتُّرَّهاتْ
ملكْنا نوادي الشتاء المثيرةْ
جلَبْتُمْ إلينا هدايا الشتاءِ
فإيمانكمْ نَسْغُ حبٍّ
يعيدُ الحياةَ ،
وماذا منحناكمُ للَّيالي العصيبةْ ..؟
تزمْجِرُ فيها الرياحُ العَتيّـهْ ..
جليدٌ تلبَّدَ بين الجفونِ
وهبَّ علينا يكسِّرُ تلك القيودَ
فَضَحْتُمْ بياناتِنا، والحجارةُ قالت
خطاباتِها ، زعزعَتْ
توصياتَ الأئمَّةْ ..
أتيتُمْ دواءً وريحاً وماءْ..
وزهراً يزيِّنُ صَدْرَ اليبابْ ..
وفيكمْ وجَدْتُ بلالاً وسعداً وياسرْ..
تصوَّرْتُ حَبْلَ أبي لهبٍ
وتصَوَّرْتُ صوتَ بلالٍ يقولُ:
" أَحدْ .. أَحَدْ.. وفردٌ صَمَدْ "
فكونوا مناراً وزاداً
وغيمةَ حبٍّ لتروي السنابلْ ..
وكيف اللقاءُ ونحنُ على جنحِ نارٍ نقاتلْ ..؟
ومَنْ كالرّياحِ يقومُ
يعيدُ السحابَ
ويبعثُ خيرَ المواسمْ ؟!
* * *
تعليقات
إرسال تعليق