الديمقراطية / أحمد بلول المسعدي / الجلفة / الجزائر
الديمقراطية
....الديمقراطيةَ بابٌ من أبواب الثقافة ، تقتضي الديمقراطية العمل بما أُصْطلِح عليه ديمقراطيا ، أي تصبح ثقافة متأصّلة في الإنسان المفترض ديمقراطيا ، إيمانا بقانونها إنجازا وتطبيقا ، شأنها شأن ثقافة تطبيق أيّ نظام ، فالحياة كلّها نظام ، الحركة نظام ، القول نظام ، فلو تأخّرت الشمسُ عن طلوعها يوميْن أو ثلاث لساد الذعر والهلع أرجاءَ المعمورة ، لأنّه اعتلّ نظامها ، ولو أخّرتَ رِجْلا مكان رجلٍ في رتابة مشيتك لسمّوك أعرجَ لأنّ نظام مشيتك اعتلّ و تغيّر ، ولو لحَنت القول في نصب ، أو رفع في نظام لسانك ، لسادت شبهاتٌ دلالةَ قولِك، أو تأتأت ، أو فأفأت صوتك لسمّوك – مثلاً - متلعثما لأنّك غيّرت نظام صوتك الذي ألفوه في نظام اللسان ، فكذلك هذا النظام الذي يصون هذه المعاملة الاجتماعية في شتّى مجالاتها المختلفة ، ويحفظ سلوكها ، والذي يسمّى الديمقراطية ، ونعني بذلك الجانب الوظيفي لا مصطلح التسمية ...
إنّ تطبيق أيّ قانون مُصطلَح عليه، هو قانون ناجح لِمَا أُفترِض عليه ديمقراطيا ، ورضيتْ به مؤسسة الاجتماع في الزمان الذي يجب أن يكون ، أمّا شعارا دون تطبيق فهو رِدّ على صاحبه ولو كان قرآنا ، ألا يقتضي عدم تطبيق ما جاء به القرآن هو ردّ على صاحبه ؟ كيف أزعم أنّي مسلمٌ ، ولم أصلّ وأكذب ، وأقتل النفس التي حرّم الله إلاّ بالحقّ ؟ لأنّي لم أطبّق هذا النظام الذي اختاره الله لي ..... ..والنتيجة تأتي اطّرادا ســـلبا ، أو إيجابا ......فكلّ لفظ ، وكلّ كلام ، لا يؤدّي معنى ، وكلّ حركة ، وكلّ عمل لا يؤدّي وظيفة يُستفاد منها هي أشياء ميّتة يمكن الاستغناء عنها ، ويمكن تجريدها حتّى من أسمائها المتواضع عليها ، فكذلك هذه القوانين ، والمصطلحات الفقهية ، والعلمية ، والثقافية .....فما فائدة القوانين التي تُسَنّ وتُباع مجلّداتٍ مجلداتٍ إذا لم تُحترم وتُطبّق بالصيغة الفعلية التي أُنجزت من أجلها ؟، وإلاّ أصبحت عبثية ، ولماذا نُطلق هذه الأحكام المصطلحية إذا لم تكن معايير تضبط وتنظّم ، وتؤدّي مقصدية فعلها الوظيفي؟ ونعْم الشّرع إذْ يحكم على الإنسان بعد تطبيق إنجاز الفعل ، فلا يحاسَب من كانت نواياه سيّئة إلاّ بعد إنجازها ...
كثيرٌ منّا ينشد الديمقراطية ، وينادي بها ويهتف بلسانها ، ولكن إذا حاججته أو ناظر ته وأقمت عليه الحجّة ولّى كأنْ لم يسمعها ، فعبس وفجر وقال إنْ هذا إلاّ سحرٌ يوثر ، لم تكن الديمقراطية يوما لباساً يلبسُ في الرواق، وينزع في الأسواق ، وإنّما الديمقراطية عملٌ وظيفي كائن باحترامه و بإنجازه ، ميّتٌ بأقواله دون تجسيد أفعاله .....
أحمد بلول المسعديّ / الجلفة / الجزائر
تعليقات
إرسال تعليق