أفول نجم / هيثم الزهاوي

- ( أفول نجم )
حين أطبقَ الزمانُ على حكايتنا
وغابتْ عن العمرِ أفراحُنا
وصارتِ الأيامُ حبلى بالرتابةِ
كعجوزٍ منهكةٍ لا تقوى على المسير
قلبُكَ الذي كان يوماً عشقي وملاذي
أضحى جافاً كصحراءٍ بلا ظلٍّ ولا ماء
لساني صامتٌ في غيابِك،
وصدى الناي الحزين يبوحُ بلحنِ الفقدِ والألم
بعدَ رحيلِكَ، خفتَ نورُ الأشياءِ
وصارتْ الملامحُ غريبةً، لا تُشبهُنا
حتى مدنُ الأملِ ضاقَت فضاءاتُها
واختنقَ الحنينُ تحت رمادِ هوانا
كنتُ أغرقُ في بحرِ الوحدةِ
أحملُ غربةَ الأحلامِ بشباكٍ ممزقة
لا تلتقطُ سوى الريحِ والجراح
والأيامُ كرياحٍ عاتيةٍ تعصفُ بوهجِ قلبي
تقتاتُ على حبٍّ موؤود
فوق أطلالِ الشتاتِ، في عتمةِ الطريق
لم يبقَ إلا صوتُ رحيلِكَ
يعوي كذئبٍ جائعٍ في الليالي الباردة
أحملُ جراحَ غيابِكَ كظلالٍ لا تغيبُ
وأرغبُ في مغادرةِ الوجعِ والحنين
أريدُ أن تمخرَ سفني بعيداً عن شاطئِ الوداع
أن أمحو أثرَ الفقدِ من ذاكرتي
وصمتي، لغةُ العاشقِ المكسور
ليسَ ضعفاً، بل قوةٌ تعانقُ المستحيل
سأتركُ قلباً لم يعد يحملُ دفئاً
وأدفنُ أسراري في أعماقِ البحار
سأمضي طوعاً بلا عتابٍ ولا لومٍ
وأجعلُ من الرحيلِ قراراً جميلاً
في حقيبتي، أشلاءُ أملٍ وشظايا أحلام
ذكرياتٌ كالمطرِ الحزينِ تسكنُ أنفاسي
كلُّ لحظةٍ منها تسرقُ جزءاً من روحي
وأقسمُ... ما أردتُ الرحيل
لكنَّكم بعتم دفءَ الحكاية للصقيع
وطلبتُم مني أن أُغلقَ أبوابَ قلبي
فكان الصمتُ جسرَ النجاةِ الأخير
كم حلمتُ أن نضيءَ الحقولَ معاً
بزهورٍ تعانقُ صباحاتِ الأمل
لكنَّ الأحلامَ رحلتْ بلا عزاءٍ
وفي زمنِ الكبرياءِ ماتت الرياح
سأغادرُ وحدي ظلالَ الأوجاع
وأطوي صفحاتِ الحبِّ الكسير
وأحكمُ قيدَ قلبي، كي لا يعود
إلى حلمٍ... غارقٍ في المستحيل

هيثم الزهاوي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء