يقظة الوعي ( الجزء الثامن و الثلاثين ) تشويه الوعي _ الجزء التاسع / خالد عبد الصمد
يقظــــــة الـــوعــي (الجـــزء الثــامن والثـــلاثـين):-
تشــــوية الــوعـي – الجـــزء التــاســـع.
فـي هـــذا الجـــزء الحـديـــث عـن التنـــويم المغنـاطيســــي. وبــدأت الفكـــرة مـع الطــبيب النمســـاوي فـرانــز أنطــون ميســـمر. وكـانــت الفكـــرة/ أطــروحة (الدكتـــوراة) ميســـمر فـي جامعــــة فينيـــا ســـنة 1766م. ويقــال أنــه أخــذ الكــثير مـن عمــل الطــبيب البـريطـاني ريتشـــارد مـيد.
ميســـمر يـدعـي أن الجاذبيــــة الأرضــية للكـوكـب تـؤثـر عـلي صــحة الأنســان مـن خـلال التـآثيــر عـلي ســـائـل غــير مـرئـي مـوجـود فـي جســم الأنســـان وفـي جميــع أنحــاء الطبيــــعة.
وهـذه هـي نظــرية الأثـــير لأســحاق نيــوتن والتـي قــال فيهـــا "الكــون ممـلؤ بســائل غـير مـرئي يتخــلل كـل شــئ حـتي أجســام البشـــر ويتخـــلل العقـــول والأعصـــاب وعـن طــريق الســـائل يتصــــل المــخ بالأعصـــاب والعضـــلات". وكـان نيـــوتن صـــديق ومعجـــب لميســـمر.
فـي ســـنة 1775م قـــام ميســـمر بمراجعـــة نظــريته عـن جـاذبيـــة الحيـــوانـات الـي واحــدة مـن الجاذبيــــة الحيــوانيـة. حيــث يتصـــرف الســائل الغــير مــرئي فـي الجســـم وفقــــا لقـوانــين المغناطيســـية. ووفقــــا لأدعــاء ميســـمر يمكــن تنشـــيط المغناطيســـية الحـيوانيــة بواســـطة آي جســـم ممغنــــط ويمكـــن التلاعـــب بهــــا.
ميســـمر كـان يعتقـــد أن المــرض ينتـــج عـن عقبــــات فـي تـدفــق الســـوائل عــبر الجســـم. ومـن خــلال تذليـــل هـذه العقبــــات مـن خــلال الأزمـــات "حـالات الغيبـــوبة التـي تنتهـــي غالبــــا بالهـذيـان والهـــراء وتشـــنجات عصـــبية مصـــاحبـة". مـن ثـم يمكـــن أســتعادة الأنســـجام فـي تـدفـق الســـوائـل الشـــخصية وقــد أســـماهـا تــدفـق الســوائل المتنـــاغـم.
عنــدمـا أتهــم بالأحتيـــال تــرك النمســــا وأســـتقر فـي باريــس "فرنســــا" ســـنة 1778م. لكـــن ممارســـات ميســـمر الـتي تــدر عليـــه الـربـح الـوفــير أكتســــب فـي المقــابل عــداوة مهنـــة الطـــب. ذاع صــيت ميســـمر فـي الطبقـــات الراقيـــــة وكــان مـن الداعمــين لـه أســـحاق نيـــوتن وكذلــك فـولفغـــاغ أمـاديـوس مــوزارت. وقـد أســـتلهم وألـــف أوبـــرا كــوزي فــان تــوتـي عـن المعــالجـة بالمغناطيســـية الحـــيوانيـــة وأســـم بطــل الأوبـــرا فـرانــز أنطــون ميســـمر.
أنــا آري أن تــدفق الســوائـل المتنـــاغـم مـا هـو الا تـــرددات كهربائيـــة أو مغناطيســـية فـي الجســـم "فـي الغالــب كلاهمــا". وهـــذا يشـــير إلـى تآثيـــر القـــوى الغيـــر مرئيـــة تـؤثــر فـي عمـــل الأعصــاب والعضـــلات "الســائل الغــير مـرئي الـذي زعــم أســحاق نيــوتن وجــوده". والمغناطيســـية دائمـا وأبــدا مصـــاحـبة للكهـــربية. وعــند التعـــرض لهــذه المـوجـات مـن المـؤكــد أنهـــا تـؤثــر فـي تـــردد المكـــون المـادي البشـــري. وكذلـــك المـوجـات المبــني عليهـــا الجهــاز العصـــبي للأنســـان. بخــلاف القـــدرة عـلي التـآثيـــر عـلي الغـــدد الصـــماء والتـي تفـــرز المكــونـات التـي تصـــاحب الأنفعـــالات النفســـية للأفـــراد. لــذا آري أن المــرض بالــوهـم ســـيكون العــلاج أيضـــا بالــوهـم. وأعتقــــد أن ألتبـــاس أن تـؤثــر أرادة شـــخص عـلي أرادة شــخص آخــر مـا هــو الا ســــحر أو تلاعــب بالـوعـي وبالنســبة لـي كلاهمـــا واحـــد. عـــلاجـات التنــويـم المغناطيســــي قـد تكــون مـؤثــرة فـي حـالات الأرق والأكتئـــاب والقـــلق وجميعهـــــا ضـــغوط نفســـية لحيـــود النفـــس عـن الفطـــرة الســليمة فـي الرضــــا بالمقســـوم والقضـــاء والقـــدر وقـد يكــون أعــادة التـــرددات الـي طبيعتهـــــا هـو العـــلاج. مـع أن العــلاج واضـــح فـي الصــــبر والرضـــــا " وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ. ســورة البقـــرة - إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ. ســورة الـزمـر 10".
فـي ســـنة 1784 م عـين المـلـك لـويـس السـادس عشـــر لجنـــة مـن العلمــاء والأطبـــاء للتحقـــيق فـي ممـارســـات ميســـمر. وكــان مـن أعضـــاء اللجنـــة المخــترع بنيــامين فرانكلـــين والكيميـــائي الفرنســي أنطــوان لــوران لافـوازييـــة. والنتيجـــة أن ميســـمر لـم يتمكـــن مـن دعـم أدعــاءاتـه العلميــــة. وعليـــه تراجعـــت حــركـة التنــويم المغناطيســـي والتـي كانـــت مســـماة بالمســـمرية. وتـم أعتبـــار حـالات الشـــفاء المــزعـوم مـا هــي الا أيحـــاء ومـؤثــر نفســـي.
بعــد ذلــك جــاء جيمـــس بــرايـد الجــراح والفيلســـوف الأســــكتلنـدي وكـان فـي طليعــــة مـن تبنـــوا أســـاليب التخـــدير (التنـــويم) المغناطيســـي والتخــديـر الكيميـــائي.
وقـد أعتـــبر بــرايـد أن فكــرة التنــويـم المغنـاطيســـي عـلاجـا مفيـــدا فـي بعـــض الأضـــطرابـات العصـــبية الوظيفيـــــة ولـم يعتـــبره منافســــا لأســـاليب العــلاج الآخـــرطي. فكـــرة التنـــويـم المغناطيســـي هـي الآخـــري مبنيــــة عــلي الأيحـــاء والأســـتهواء. وقــد تـآثـر بــرايـد بخــبير المغناطيســـية الفرنســـي تشـــارلز لافونتيــــن (المغناطيســـية الحـيوانيــة) وأتضـــح ذلـــك فـي كتـــابه عــالـم الأعصـــاب الصـــادر فـي ســــنة 1843م قــائـلا "أنـه قبـــل لقـــائه بلافونتيـــن كـان مقتنــــع مـن خـلال دراســـة أســتتقصائيــة حـول المغناطيســـية الحــيوانيـة والتـي نشـــرهـا فـي جــريدة لنــدن الطبيـــــة 1838م. "ســـؤالي هنـــا هــل يمكـــن أعتبــــار المغناطيســـية الحــيوانيـة كالوســاوس الشـــيطانية تقتحـــم النفــس فتعبـــث بالــوعـي وتخــترقه لتســـتحوذ عـلي اللاوعـــي الــذي يـؤثــر بعـــد ذلـــك عـلي الــوعـي الــواعي؟
وفـي خــلال هــذه الفـــترة كـان صـــراع بيـــن تـومـاس واكـــلي وجـون إليـوتســـون حــول مـا يســـمي بالمســـمرية.
كــان لبــرايـد تـآثــير قــوي عـلي عــدد مـن الشـــخصيات الطبيـــة الفرنســـية ومنهـــم تشـــارلـز مـاري اتيـــان أوجــين عــزام – بييــــر بــول بــروكـا "عـالـم التشـــريح" – جـوزيـــف بييــــر دورانـــد دي غــروس وغـــيرهـم.
فهـــل التنـــويـم هـو التـآثيــــر عـلي منطقــــة مـا فـي المـــخ؟ وهـــل هـذه المنطقـــــة حاكمـــــة فـي التـآثـــير عـلي الأعــراض المرضـــية حــد أنـه يمكــــن التحكـــم فيهــــا فيقـــوم المنـــوم بالتآثـــير عـلي الوســـيط؟. (آي تـآثـــير عـلي لاوعـــي الوســـيط).
ويســـمي البعـــض التنـــويـم بنقــــل تيـــار الــوعـي "لـدي الوســـيط" مـن التشـــــتت الـي التركـــيز الشـــديد فـي نقطــــة معينــــة دون ســـواهـا. "هــل التـركــيز فـي الصـــوت كــافـي لذهـــاب الـوعـي عـلي ســـبيل المثـــال (الصـــوت مـا هــو الا تـــردد)؟.
الأمـراض الســيكوســوماتيــة (أرتبـــــاط العقـــل والجســــد) هــل يجـــوز أن تســـمي بـأمـراض الــوهـم؟.
هـــل التنــويـم المغناطيســـي مهـــنة (طــبيب نفســــي + طــبيب مهـــني)؟.
هـــل التنــويـم المغناطيســـي تقنيـــــة نفســـية لتغـــيير حـالـة الــوعـي بجعـــل الشـــخص أكـثر قابليـــــة للتوجيــــة والأيحـــاء؟.
هـــل التنــويـم المغناطيســـي يعتمـــد عـلي مبـــادئ نفســـية وعلميــــة مثبتــــــة؟.
هنــاك مـا يقـــدم أدلــة عـلي فاعليـــة التنـويـم المغناطيســـي فـي تقليـــل الألـم المــزمـن "دراســـة نشـــرت فـي The Journal Painســـنة 2016م وقـد أظهــرت الدراســـة أن التنـويـم المغناطيســـي يســاعد عـلي تقليـــل الألـم المــزمـن. كمـا يســتخدم التنـويـم المغناطيســـي فـي الســـيطرة عـلي الألـم الجراحيـــة البســـيطة كأزالـة الأســـنان أو حشـــوها وكذلــك منـاظـير المعــدة والأمعــاء. كمــا أن التنـويـم المغناطيســـي قـد يكــون مفــيد فـي معــالجة الأدمــان ســـواء مـن المخــدرات أو التدخـــين وفــق دراســـة نشــرت فـي American Journal of Clinical Hypnosis.
فـي الختـــام أنـا أعتقــــد أن كـافـة الوســـائل المســـتخدمـة فـي أخضـــاع الـــوعي الــواعـي عـن طــريق وســائل خارجيــــة أو أســتخدام اللأوعــي فـي التـآثــير عـلي الــوعـي الـواعـي مـا هــو الا درب مـن دروب الســــحر. ويعتقـــد البعــض أن الســـيطرة التـي قـد تكــون حميـــدة عـلي الــوعـي تســـمي بالتنـويـم المغناطيســـي أمـا الســـيطرة الخبيثــــة تســمي بالســــحر.
قَالَ أَلْقُوا ۖ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ. ســورة الأعــراف 116.
وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ. ســورة البقـــرة 102.
غياهـــب النفــس غــير مـدركــة وممــلؤة بالأســـرار التـي لا يـدركهـــا حـتي حاملهـــــا " وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ. ســورة الـذاريــات 21".
أكتفــــي بهـــذا القـــدر ونكمـــل فـي الأجــزاء القــادمـة أن شـــاء الله ســبحانه وتعــالي.
خــالــد عـبد الصـــمد.
تعليقات
إرسال تعليق