قيمة الأرض و منتجاتها / السعيد أحمد عشي

قيمة الأرض ومنتجاتها
إن قيمة الأرض ومنتجاتها ومقادير هذه المنتجات في الحقيقة من علم الغيب الذي ننسبه إلى الله الذي بدوره لا نراه ولا نستطيع تصوره ورسمه في صورة مادية ومجسدة كما نرسم العباد وجميع المخلوقات إنه لا قدرة للأمريكيين ولا للصينيين ولا للهنود ولا للعرب ولا لغيرهم من الشعوب معرفة قيمة الأرض سواء التي تمثل أوطانهم أو تمثل الكرة الأرضية بكاملها... لقد وضحت في مقال سابق لي بأن قيمة العملة لا تتغير وأن السيارة مثلا التي تعتبر من المنتجات هي التي تتغير قيمتها حسب العرض والطلب وحسب جدتها وقدمها ومدة استعمالها... إنه إذا كانت قيمة الدولار الأمريكي تمثل قيمة نصف غرام ذهب وقيمة الدينار الجزائري تمثل ديسي غرام ذهب وقيمة الجنيه الانجليزي تمثل واحد غرام ذهب فإن قيمة هذه العملات تبقى ممثلة لنفس قيمة مقدار الذهب الذي صنعت منه فلا ترتفع قيمة عملة عن قيمة عملة أخرى في الأسواق وفي بورصات دول العالم بل تبقى عملة الجنيه باستمرار تمثل ضعف قيمة الدولار الأمريكي وتمثل عشرة أضعاف قيمة الدينار الجزائري باستمرار أما إذا تساوت جميع عملات دول العالم في مقدار وزنها من الذهب فإن جميع العملات تصبح متساوية في القيمة.
إن كون مقدار الذهب الذي نقوم بصكه كعملات لا تتغير قيمته. فإن الواجب يقتضي ألا ترتفع قيمة العملة الورقية التي تمثل قيمة نفس المقدار من الذهب وإن الواجب يقتضي كذلك إنفاق نفس مقدار الذهب مع قيمته الورقية حتى يصبح إنفاق العملات الورقية كإنفاق نفس مقادير الذهب.أما إنفاق العملات الورقية التي تمثل قيمة مقدار الذهب دون إنفاقنا لنفس مقادير الذهب فإن هذا عبارة عن إنفاق ما يخلقه العباد من الأموال وليس إنفاقا لما خلقه الله من معدن الذهب.مع العلم أن تحويل الورق أو تحويل التراب إلى نفس معدن الذهب شيء مستحيل وغير معقول... إن إنزال قيمة ما تصنع منه العملات من مادة الورق في نفس منزلة قيمة مادة الذهب وإنفاق هذه العملات دون إنفاق لما يقابلها من معدن الذهب عبارة عن إنفاق الدول لما تمنحه من الأموال لنفسها بنفسها . وإن رفع قيمة عملة عن قيمة عملة أخرى دون وجود لفارق ما تمثله كل عملة من مقادير الذهب عبارة عن ممارسة للسفسطة والدجل وليس عبارة عن ممارسة للحكمة والمنطق السليم... إن هناك فرق شاسع بين قيمة مادة الورق وبين قيمة مادة الذهب ... وإن هناك فرق شاسع كذلك بين السفسطة التي هي عبارة عن ممارسة للكذب وبين الفلسفة التي هي عبارة عن ممارسة للحكمة والصدق والتعبير عن الحقيقة وابتاع المنطق السليم.والصراط المستقيم.
إن قيمة المنتجات تقدر بالوزن والكيل وبالوحدة فقيمة العجل مثلا عبارة عن قيمة إجمالية لما يمكن بيعه من لحمه وجلده... وإن قيمة السيارة عبارة عن قيمة الأجزاء التي يتم تركيبها منها حسب المواد التي صنعت منها... إن مشكل القيمة لا يعود لما يعاين ويوزن ويتم كيله ولكن مشكل العملة يتمثل في تقدير قيمة أجور العمل التي ليس هناك وسيلة لوزنها أو كيلها أو تقدير مقاديرها.مع العلم أن تقدير ما ينجزه الأجراء من الأعمال التي تختلف في النوعية والجودة والإتقان دون أن يكون تقدير الخدمات وليد قيمة ما تباع به مصنوعات ومنجزات العمال في أسواق العرض والطلب يعتبر تقديما لقيمة العمل على قيمة المنتجات... إن التقدير المسبق لأجور العمال قبل بيع المنتجات في الأسواق التي يحدث فيها البخس والربا من طرف العباد هو السبب في تحقيق التجار للثراء على حساب المنتجين...إن أرباح التجار يجب أن تكون عبارة عن مقادير من منتجات المنتجين أو مقادير من الذهب نفسه وليست عبارة عن مجرد قيمة لمقدار من الذهب الذي لا ينفقه أصحابه مع إنفاقهم لنفس العملة... إن التعامل بالعملات الحديثة عبارة عن ممارسة للسفسطة وليس عبارة عن ممارسة للفلسفة التي تعرف باسم الحكمة... إن الحكمة من عند الله أما السفسطة والدجل فمن عند العباد الممارسين للكذب والضلالة... قال تبارك وتعالى: [يؤت الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذّكر إلا أولوا الألباب] (الآية 269 البقرة). قال تبارك وتعالى أيضا:[ الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم] (الآية 268 البقرة)... إن ممارستنا للسفسطة عبارة عن اتبعانا للشيطان وإتباعنا للشيطان هو السبب في ثراء المغنين والمغنيات والمنتجين لأفلام الخيال وانحراف الأخلاق وممارسة العنف والقوة وظلم العباد قبل ثراء المنتجين للأموال وللأرزق التي أحلالها الله للعباد.
باتنة في 11/8/1446 هجرية الموافق ل 10/02/2025 ميلادية
السعيد أحمد عشي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء