الدين و كنز الذهب والفضة / أحمد سعيد عشي
الدين وكنز الذهب والفضة
إن كنز العباد للذهب والفضة والامتناع عن إنفاقها إلا من أجل تشغيل العباد وشراء المنتجات أو إقراض هذين المعدنين مقابل الحصول على الربا عبارة عن احتكار لهذين المعدنين لتحقيق مصالح الكانزين فقط وليس عبارة عن تخصيص هذين المعدنين كنفقات لإنتاج ما يباع ويشترى بنفس نفقات الإنتاج... مع العلم أن نفقات الإنتاج تتمثل في قيمة البذور والمواد الأولية التي يحتاج إليها الحرفيون والصناع وفيما تحتاج إليه وسائل الإنتاج من طاقة إذا كانت آلات وما تحتاج إليه من أعلاف إذا كانت حيوانات هذا زيادة عن قيمة ما ينفقه المنتجون قبل الحصول على قيمة المنتجات إنه لا يمكن الحصول على المنتجات دون أتعاب ودون نفقات. وإن كون كنز المالكين للذهب والفضة عبارة عن احتكار للأموال هو السبب في توعد الله للكانزين بالعذاب الأليم.حيث قال عز وجل: [والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم] وإن كون الهدف من الكنز هو الحصول على الربا هو السبب في توضيح المولى تبارك وتعالى لعباده بأن ما يمدهم به من الذهب والفضة وما يرزقهم به من مختلف المنتجات لا تربو عند الله حيث قال:[وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله] وقد بين المولى جل وعلا بأن ما يقدم من الأموال كزكاة فتلك الأموال هي التي يضاعفها الله:[وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولائك هم المضعفون]. إن ما يحصل عليه الممارسون للربا من الأموال من عند المنتجين التي نهى الله عباده عنها كذلك في قوله عز وجل: [وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ]( الآية 188 من سورة البقرة).
إن كنز الذهب والفضة وصك وإنفاق العملات الورقية على أساس أنها قيمة لذهب وفضة أصحاب الكنوز هو عبارة أيضا عن احتكار أصحاب كنوز الذهب والفضة لهذين المعدنين وهذا الاحتكار للمعدنين ومنع المنتجين والتجار والصناع من الحصول على النقود التي حلت محل عملات الذهب والفضة إلا عن طريق العمل عند أصحاب هذه العملات أو طريق قروض الربا هو السبب في تحول أصحاب العملات الحديثة إلى شركاء لله في رزق العباد... وإن تحول أصحاب الكنوز الذهبية والفضية إلى شركاء لله في رزق العباد هو السبب في ضلال أصحاب الكنوز وهو السبب في تضليل المتعاملين بعملات أصحاب الكنوز وهو السبب في طغيان أصحاب الكنوز لكونهم قد أصبحوا هم الذين يمدون العباد بالأموال وليس الله... وهذا ما كان يتوهمه فرعون عندما قال للملإ في حضرة سيدنا موسى عليه السلام "ما علمت لكم من إله غيري" وإن هذا الاعتقاد الزائف وما يؤدى إليه من الطغيان هو السبب في توعد الله للذين يكنزون الذهب والفضة بالعذاب الأليم... مع العلم أن إنفاق الذهب والفضة عبارة عن إنفاق للمال الحقيقي الذي هو من مدد الله أما إنفاق العملات الحديثة فهو عبارة عن إنفاق للأموال المبتدعة من طرف الصرافين اليهود وليس عبارة عن إنفاق للأموال التي من مدد الله.
إن إنفاق العباد لما يستخرجونه من الذهب والفضة من أرض الله وإنفاقهم لما أحله لله لهم من أرباح تجارية التي لا تؤدي إلى ربا ما ينتجه المنتجون من الذهب والفضة عبارة عن تمسك العباد بالدين وعبارة عن تمسكهم بتوحيد الرازق وبالتاي فإن الصراط الذي يسلكه العباد لا يستقيم إلا إذا كانت كلا من أرزاق الناس وأموالهم من مدد الله... إن تحرر الفلسطينيين من سيطرة اليهود وتحرر العرب من تهديدات "دونالد ترامب" لا يمكن التحرر منها إلا بإنفاق جميع سكان العالم لنفس عملات الذهب والفضة .. مع العلم أن إنفاق العباد للعملات النقدية المقابلة لما تكنزه الدول من الذهب أو من الفضة عبارة عن إشراك العباد لأصحاب العملات مع الله في ارتزاقهم.. وإن إشراك العباد لأصحاب العملات مع الله في رزق العباد يجعل ما فرضه الله على عباده من النطق بالشهادتين وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان والحج إلى بيت الله الحرم والذكر والدعاء مجرد عادات وتقاليد ولا يجعلها طاعة وتوحيدا لله بل تصبح العبادات عبارة عن مخدر للشعوب وليست توحيدا للرزاق... إن كون عودة العباد إلى إنفاق عملات الذهب والفضة شيء ممكن فإن عودتهم إلى توحيد الله بإنفاق هذين المعدنين شيء ممكن أما إثبات العباد لوجود الله الذي لا يرونه لكي يؤمن الملحدون والكفار بوجوده فهذا شيء مستحيل
إنه لولا العملة الورقية لما استطاع اليهود أن يكونوا دولة... وإنه لولا العملة الورقية لما أصبحت بريطانية من قبل والولايات المتحدة حاليا عبارة عن شرطة العالم ... وإنه من غير العودة إلى التعامل بعملات الذهب والفضة فإنه من المستحيل أن تتفق جميع دول العالم على التعامل بعملة عالمية موحدة . مع العلم أن أعضاء مجموعة "بريكس" لا يستطيعون توحيد عملة التعامل فيما بينهم لكون العملة الورقية مجرد وسيلة لإتمام عملية المقايضة وليست أموالا شرعية....إن العملات النقدية الحديثة تصلح لتقسيم منتجات كل دولة على حدا على المواطنين وهذا التقسيم يقتضي ألا يكون هناك منتجون خواص وهذا يعني أن الدولة هي التي يجب أن تنتج أولا وهي التي تقسم المنتجات ثانيا ...أما بالنسبة لتحويل العملة الورقية إلى عملة عالمية فإن هذا يقتضي أن تكون هناك سلطة عالمية موحدة هي التي تنتج وهي التي تقسم المنتجات على سكان العالم.وهذا شيء مستبعد كذلك مادام هناك كفارا ومشركون بالله..إن عودة المسلمين إلى توحيد الله لا يمكن أن تتحقق إلا عن طريق تعاملهم فيما بينهم وفيما بينهم وبين غيرهم بعملات الذهب والفضة والنحاس كما كان يجري التعامل في عهد سيدنا موسى وفي عهد سيدنا عيسى وفي عهد خاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليهم جميعا الصلاة والسلام....وإنه بغير عودة الناس إلى التعامل بعملات الذهب والفضة والنحاس دون كنز واحتكار لها لن يتحرر الفلسطينيون من سيطرة اليهود ولن تتحرر الدول العربية والإسلامية والدول التي لا تعتبر عملاتهم عملات صعبة من التبعية الاقتصادية لأمريكا والدول الغربية.... مع العلم أن التعامل بالعملات الحديثة عبارة عن كون حكام الدول هم الذين يرزقون العباد وهذا عبارة عن نفي لوجود الله.وكفر وليس عبارة عن توحيد . فماذا يكون جوابنا لله عندما يسألنا في اليوم الآخر عن هذا الشرك الذي أوقعنا فيه الكفار؟.
باتنة في 1446/08/26 هجرية الموافق 2025/02/25 ميلادية
السعيد أحمد عشي
ملاحظة هامة: إن محاولات الفلاسفة ورجال الدين فيما يتعلق بمحاولة إثبات ونفي وجود الله هو الشيء الذي جعل العباد وكأنهم هم السبب في وجود الله وليس الله هو السبب في وجود العباد.
تعليقات
إرسال تعليق