المنتجات وقيمتها / السعيد أحمد عشي
المنتجات وقيمتها
إنه عندما يقوم مدير بنك دولي بصك مقدار من العملة كقيمة لمقدار من الذهب ويقوم بتشغيل العمال الذين يحصلون مع أجورهم على مقادير الذهب المساوية في القيمة لمقادير العملة. فإنه بإنفاق البنك لكل مقادير العملة يكون قد أنفق كل ما يقابلها من الذهب. إن افتقار مدير البنك للذهب الذي تم تسديده مع العملة لا يسمح له بتكرار صك مقادير أخرى من العملة مقابل نفس المقدار من الذهب، وهذا يعني أن مقادير العملات لا تربو عندما ينفق معها ما تساويه من الذهب. إن عدم إنفاق الدول لما يقابل العملات من الذهب وقيامهم بتجديد ما تم إنفاقه من العملات يعني منحهم للأموال لأنفسهم بأنفسهم وهذا عبارة عن ربا. وإن شراء مدير البنك بما سبق صكه من العملة لمقدار جديد من الذهب وإضافته إلى مقدار الذهب السابق وقيامه بتكرار صك العملة مقابل مقدار الذهب القديم والذهب الجديد على أساس أن مقدار العملة التي تم صكها مقابل الذهب الجديد هي أرباح وفوائد وإنتاج للأموال عن طريق التجارة هو في الحقيقة عبارة عن سرقة لمقدار الذهب الجديد لأن الذهب لا ينتج ولا ينمو ولا يتكاثر بالتجارة. وإن صك أي دولة لمقدار من العملة مقابل مقدار من القمح فإن شراء واستهلاك الأجراء لمقدار القمح بالعملة التي تمثل قيمته يعني فقد العملة لقيمتها الشيء الذي يتطلب تجديد إنتاج ما يقابل العملة من القمح الذي سيباع بواسطة نفس المقدار من العملة.
من خلال ما سبق يتضح لنا بأن صك العملات مقابل أي منتج أولي أو صناعي أو تكنولوجي ودفع تلك العملة للأجراء الذين يشترون بواسطتها ما يقابلها من المنتجات سيؤدي إلى نفاذ المنتجات.وبقاء العملات دون وجود لما يدفع مقابلها من المنتجات، ويجعل تلك العملات التي يتكرر البيع والشراء بواسطتها عبارة عن أموال ربا وليست أموالا شرعية. وإنه بصك قيمة ما تبنيه الدول من المساكن والمؤسسات سيؤدي إلى نفاذ العملة التي تصبح عبارة عن قيمة لتلك السكنات والمؤسسات وإن كون العملة التي تحضر لتعبيد الطرقات وتوصيل المنازل بالكهرباء والمياه وقنوات الصرف الصحي سيؤدي كذلك إلى نفاذ العملة التي تصبح قيمة لما تم بناؤه من المساكن ولما تم تعبيده من الطرق وقيمة لخيوط الكهرباء وأنابيب الماء وقنوات الصرف الصحي التي لا تباع ولا تشترى. وبالتالي فإن استمرار تعامل المواطنين بقيمة ما يتم بناؤه وإنجازه من المشايع الوطنية والاجتماعية عبارة عن إنفاق لأموال الربا وليس عبارة عن إنفاق للأموال الشرعية.
إن كنز الدول للذهب وتعويض إنفاقه بإنفاق العملات التي تمثل قيمة الذهب المكنوز ليس عبارة عن تعامل بأموال الربا فقط بل هو عصيان صريح لله وخلق لأنداد له يمدون العباد بالأموال بدلا عن الله. إن شراء الناس للأرزاق الاستهلاكية وللمنتجات الصناعية والتكنولوجية بعملات الذهب والفضة عبارة عن تقاسم العباد لما يرزقهم الله به من الأرزاق ولما يمدهم به من الأموال التي تباع وتشترى بنفس المقادير من عملات الذهب والفضة دون ربا سواء بالنسبة للأموال أو بالنسبة للأرزاق وسائر المنتجات والمنجزات. إن إنفاق الناس لعملات الذهب والفضة نفسها عبارة عن إنفاق العباد لما يمدهم الله به من الأموال وإن بيع الناس لمنتجاتهم وشراءهم بقيمة ما يبيعونه من المنتجات لما هم في حاجة إليه من الأرزاق والمنتجات الأخرى عبارة عن إنفاقهم لما رزقهم به الله من المنتجات. وإن حصول بقية العباد الذين لا يملكون الذهب والفضة ولا ينتجون ما يبيعونه للحصول على الأموال على مقادير من ذهب وفضة ومنتجات غيرهم سواء مقابل العمل أو كزكاة وصدقات هو الشيء الذي يخلق المحبة والمودة بين العباد وهو الشيء الذي يدفعهم إلى التعاون على الأعمال والأفعال الصالحة التي تصبح عبارة عن أعمال في سبيل الله وليست في سبيل الذين يقومون بصك وإنفاق لعملات الربا. إن امتناع العباد عن كنز الذهب والفضة وأنفاقهم لها على أنفسهم وعلى إخوانهم هو الشيء الذي سيخلق الألفة ومحبة الناس لبعضهم بعضا ويدفعهم إلى التعاون على البر والخير والإحسان.بدلا عن التخاصم والتنازع والتنافس على إنتاج أموال الربا التي حرمها الله قال تبارك وتعالى:[ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم] (الآية 34 من سورة فصلت). إن إنفاق المال الحلال والتصدق به على الفقراء والمحتاجين إليه يمكن أن يحول العدو إلى ولي حميم. أما كنز الذهب والفضة وصك عملات القيمة التي هي عبارة عن ربا فإن إنفاق الربا عبارة عن أكل لإرزاق المنتجين بالباطل مع العلم أن الممارسين للربا لا يشبعون ولا يتصدقون بل يتسببون في تحويل الأحباب إلى أعداء بخلاف المتصدقين بالمال الحلال الذين يحولون الأعداء إلى أحباب. إنه دون عودة العباد إلى إنفاق عملات الذهب والفضة التي لا تربو بمثقال ذرة لن يعود الأمريكيون وعلى رأسهم "دونالد ترامب" ولن يعود الإسرائيليين اليهود وعلى رأسهم "نتانياهو" إلى جادة الصواب ولن يتحرر الفلسطينيون ولن تتحرر شعوب العالم ولن تسود المحبة بين الفلسطينيين واليهود وبين والأمريكيين والعرب بل لن تسود المحبة والأخوة بين العرب أنفسهم. وسيبقى حكام الدول عبارة عن فراعنة يجندون الجيوش بأموال الربا ليس لمحاربة الأعداء بل لقهر واستعباد الشعوب وسوف يبقى الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" كإله لجميع سكن العالم في إمدادهم بالعملة الصعبة ولن ينتهي الصراع بين اليهود والفلسطينيين ولن ينتهي الصراع بين الروس والأوكرانيين ولن ينتهي الصراع بين السودانيين ولن ينتهي الصراع بين الذين يوصفون بالإسلاميين وبين الذين يوصفون باللائكيين ولن تتحرر الدول من .الإرهاب والصراعات بين الشعوب.والحكام مع العلم أن أموال الربا لا تؤدي إلى الاقتصاد والقناعة ولكنها تؤدي إلى كنز الأموال والتبذير. ومع العلم أيضا أن أموال الربا لا تؤدي سوى إلى ارتفاع اسعار البضائع والمنتجات باستمرار.
باتنة في 1446/08/18 هجرية الموافق ل2025/02/17 ميلادية
السعيد أحمد عشي
تعليقات
إرسال تعليق