الفكر الموجه والوعي المخدر /أحمد بلول
الفكر الموجّه ، والوعي المخدّر
حينما يكون الوعي مخدَّرا ، والفكر مُوَجَّها فأنت أقرب من الآخر إلى نفسك ،أو الآخر أقرب إلى نفسك منها إليك، ذلك لأنّك لم تكن أنت الذي سَمَّى أبوك ،بل كان الآخر هو أنتَ ، لأنّه احتواك فلم تعد أنت إلاّ صورة اللحم ومرآة ، فسجنك في غيابة السجن أرحم لك وأنفع ، لأنّك حين ذاك تشارك الآخر في الحياة ، في مآسيها ، وأوجاعها ، في العطاء بما تجود به من قدرات ، فكثير من السجناء من ألّفوا كتاباتٍ ، أو حفظوا آياتٍ ، أو كتبوا رواياتٍ في غياهب السجون، فكانوا بذلك العمل أفضل ممّن هم خارجها ممّن يُحسَبون على الأحياء ، وهم أموات ( ليس من مات فاستراح بميْت * إنّما الميت ميت الأحياء ) ، فالإنسان تاريخ ،باعتباره صانعا للأحداث ، والإنسان يقطف ثمار تاريخه باعتباره عملا له ، والإنسان يصنع يومَه بقيم أمسه ، ألا تلاحظ حين تتاجر وتقبض أرقاما تضيفها إلى أرقام الأمس ، وإلاّ ستعيد التعداد من جديد ؟ ، التاريخ حبر الأحداث ، وأقلامه ما صنع أمسُه ، وطاقته ما يمتلكه يومُه من قيم ، وكاتبه هو الإنسان ، وحين تنتهي الكتابة تُوثّق في سجلِّ الأحداث ، هذا السجل الذي نسمّيه التاريخ ، فهو شاهدٌ للإنسان ، أو شاهدٌ عليه ، والتاريخ يبقى والإنسان يزول .
تعيب عليك سمْرةُ وجهِك التي صنعتها شمسُ باديتك ، أو قريتك النائية التي كان يعلو صياح ديكها كلّ صباح ، هذه السمرة التي تغزّلتْ بها عشيقتك كفحلٍ لها ، أو تغزّلتَ أنت بها لعشيقك يوما كروس مستقبلك ،أو خيال أفكارك ، ولبستها شعريّة قريضك، ولفّتْ بها ثقافة لسانك ووجدانك أن تزّيّن أو تزّيّني بغراء غربيّ يلطّخ جمالَ أوداجك ..................
..(وَفَرْعٍ يَزِينُ المَتْنَ أَسْوَدَ فَاحِمٍ ... أَثِيثٍ كَقِنْوِ النّخْلَةِ المُتَعَثْكِلِ .
أحمد بلول المسعديّ / الجلفة ..../ الجزائر.
تعليقات
إرسال تعليق