في بلدان منكوبة حد العظم / سامية خليفة
في بلدانٍ منكوبةٍ حدّ العظمِ/سرد تعبيري
أتنفّسُ الخذلانَ من أنبوبِ الصّدمة، فقد اكتملَ المشهدُ الغرائبي على أكملِ وجهٍ في لوحةِ الخرابِ التي فاقتْ لوحةَ أهوالِ الحربِ لدالي .
هو ذا الشّعرُ الأسودُ المتطايرُ، يتآخى مع أجنحةِ الغربانِ،
هو ذا الانكسارُ يلمعُ وهجَ نارٍ، ذلك الموتُ المعتلي الوجوهَ أخذ اتّساعُه يربو ليقتحمَ دائرةَ الشّحوبِ، ليصلَ إلى ذرى آياتِ التّهكّمِ في ابتساماتِ موليير الصّفراءِ. الحياةُ باتتْ كصرّةٍ منتفخةٍ بالشّرور.
كم أنتِ قميئةٌ يا لعبةَ الكبارِ وقد بترَ حدُّ سيفِك لونَ الفرح! أقفُ على ناصيةِ الشّكّ، استرقُّ النَّظرَ والسّمعَ حيثُ يتمدَّدُ الشِّعرُ في عمقِه على أرائكِ دوّامةٍ، يبحثُ عن ذاتِهِ التي تجاوزتْهُ إلى اللّامحدودِ، أعبثُ هناكَ بيدين عاريتين من الأصابع، كي لا أتركَ بصماتِ وجودي في مكانٍ ملوّثٍ بأدواتِ الجرائمِ. في حيرةٍ أنقّبُ بينَ السّنواتِ عن رواياتكِ فأين أنت يا أغاتا كريستي؟ تعالي اعبري الزّمن، سترين العجب وأنت في إحدى الهدناتِ سترين من يمكن أن يدينَ الشّمسَ إنْ أشرقتْ هنا أو هناك، تعالي وسجلي ما لن يخطرُ على بالِكِ، فالجريمةُ اليومَ انتهكتِ الإنسانيةَ استباحتِ المحرّمَ. أقفُ خرساءَ أصرخُ بحنجرةٍ بلا أوتارٍ، كسيحةً أتمايلُ كسنبلةٍ جائعةٍ إلى نورٍ يتهاطلُ عليها دفئًا من ألسنة شمسِ الحقيقةِ، التي سأبقى دومًا على أمل ظهورها يومًا. أنا أختنق، تركتُ أنفاسيَ هناك، لعلّها تحيي الجثثَ، شهيقي الألم، زفيري أنينُ نايٍ سدّتْ ثقوبُه، ناي سيتفجّرُ ذات فجرٍ عبوةً ناسفةً في وجه الظّالمين. الكارثةُ تمسي حدثا عابرا حينما يُغتالُ النّدى في البرعمِ ، هم يزرعونَ الأرضَ نارا، ونحن من يباسِ التمرّد، تتشظّى في خطوطِ أكفّنا المفرداتُ تجاعيدَ من همومٍ، نحن في بلدانٍ منكوبةٍ حدّ العظمِ، حدّ الغثيانِ، ولكنّنا متحرّرون من مكائدِ الشّيطان وضلالِه.
سامية خليفة_ لبنان
تعليقات
إرسال تعليق