أصحاب الياقات البيضاء /محمد جمال ريحاوي
📕"أصحاب الياقات البيضاء... الجرائم النظيفة والأيدي المعقمة"
🌀 #محمد- جمال- ريحاوي.
أصحاب الياقات البيضاء، هم أولئك الذين يرتكبون أعقد الجرائم وأكثرها تأثيرًا، لكن من مكاتب مكيفة، وببدلات أنيقة، وبياقات ناصعة البياض. لا يحملون السلاح، ولا يتلطخون بالدماء مباشرة، لكنهم قد يُسقطون اقتصادات، ويدمرون شعوبًا، ويُفقّرون أممًا بأرقام وقرارات لا تُرى آثارها إلا بعد فوات الأوان.
📙ولادة المصطلح:
صيغ المصطلح أول مرة في الثلاثينات من القرن العشرين، على يد عالم الاجتماع الأمريكي إدوين ساذرلاند ، الذي ألقى محاضرة عام 1939 تحدّث فيها عن "الجريمة البيضاء" أو ما سمّاه:
"جريمة يرتكبها شخص محترم وذو مكانة اجتماعية مرموقة خلال ممارسته لعمله".
منذ تلك اللحظة، وُلد مصطلح "أصحاب الياقات البيضاء" ليصف فئة من المجرمين غير التقليديين، لا ينتمون إلى العصابات، ولا يطاردهم البوليس في الأزقة، بل يشاركون في المؤتمرات، ويجلسون خلف المكاتب، ويوقعون على الأوراق التي تغيّر حياة الآلاف وربما الملايين.
📗📕الدلالة والرمزية:
الياقة البيضاء، تقابل الياقة الزرقاء التي تشير إلى العمّال، والفئات اليدوية. أما "أصحاب الياقات البيضاء" فهم النخب الإدارية والمالية والقانونية... من المحامين،والمديرين، والمصرفيين، والمستشارين.
لكن المفارقة أن هؤلاء الذين يُفترض أن يكونوا رموزًا للانضباط، قد يتحولون إلى أخطر أنواع المجرمين، لأن جرائمهم لا تُكتشف بسهولة، وتُغلّف غالبًا بالشرعية الشكلية، ويُبرّرها نفوذٌ أو ثغرات قانونية.
🎯جرائمهم تشمل:
🌀غسيل الأموال
🌀الفساد الإداري
🌀التلاعب في البورصات
🌀الرشاوى الكبرى
🌀اختلاس المال العام
🌀التهرب الضريبي
🌀الاحتيال المالي على نطاق واسع
وغالبًا، حين يُكتشف الأمر، يكون الأثر قد طال أجيالًا، وليس مجرد ضحية واحدة.
📙📗هل المصطلح لا يزال ساريًا؟
نعم، وبقوة أكبر في القرن الحادي والعشرين، إذ تحوّلت الجريمة إلى هندسة، وجرى "تنظيفها" من آثارها العنيفة، فغدت معقّدة، مخفية، تُنفذ عبر البريد الإلكتروني، أو خلف بوابة استثمارية، أو عبر عقود قانونية محبوكة.
التحقيقات الدولية الكبرى مثل "وثائق بنما" و"أوراق باندورا" كشفت شبكات كاملة من "أصحاب الياقات البيضاء"، تتجاوز الدول وتغوص في صلب النخب العالمية.
📕📙بين الذكاء والإجرام...
الجريمة البيضاء لا تحتاج إلى عضلات، بل إلى عقل مدرب، وثغرات قانونية، وغطاء اجتماعي. صاحب الياقة البيضاء لا يسرق رغيف الخبز، بل يتحكم في تسعير الطحين نفسه. لا يختطف شخصًا، بل قد يحتجز مستقبل بلدٍ بقراراته المالية.
📕📗خاتمة :
في عالم اليوم، لا تُقاس الجريمة بكم الدم المسفوك، بل بحجم الضمير المستباح.
ولعل أخطر أنواع اللصوص... من يُغلق أزرار ياقة قميصه الأبيض بإتقان، بينما يفتح بأصابعه أبواب الفساد المغلقة على مصراعيها.
تعليقات
إرسال تعليق