اغتيال عصري قصة قصيرة محمود محمد أسد
قصة محمود محمد أسد
اغتيال عصري
ارتفعت حرارة ابنه الوحيد فجأة ، تغير حاله وحال زوجته ، تسارعت دقات قلبه ، خوف شديد ورعشة انتابت الأمّ . موقف لا يحسدان عليه . في البيت حالة من حالات الذهول والهذيان إنه الوحيد بعد عشر سنوات من الزواج والمعالجات الطبية التي لا ترحم الجيب والنفس وبعد صراع من كلام الناس والأهل ربطهما الحب أمام كلِّ الأقاويل . لقد قدم كلَّ ما ورثه وعمله بجهد من أجل هذا الطفل الذي ربط قلبيهما بحب لا يوازن ... ركب وزوجته سيارة الأجرة يرتطم رأسه بسقف السيارة وتنسى الأم فردة حذائها وهي صاعدة .- أرجوك بسرعة إلى المستشفى يا أخ .. أرجوك .. أي مستشفى ..يجيبه السائق بلهجة وديعة ..- حاضر .. شفاه الله .. إن شاء الله ..وأخذ السائق يتجاوز الشوارع والشارات الضوئية الممنوعة والمسموحة ولم يفرق بين اتجاه واتجاه يتوقف العداد مشيراً إلى الثلاثين .. يقدم له خمسين ليرة .. شكراً ينتظر الأب قليلاً ثم يمشي ...ما أن وضع رجله في باب المستشفى حتى صاح : الإسعاف أين الطبيب ؟ " وصوت ناعس مرهق : - لست طبيباً . الطبيب نائم ...ويدور بينهما أخذ وعطاء واستعطاف واستجداء يأتيه الصوت كضربة سيف قاطع . لا توجد غرفة عناية مشددة . ولا توجد أسرَّة فارغة .. من جديد يبدأ المشوار وليكن مشفى خاصاً .- " أهلاً وسهلا " أرجوكم ولدي الوحيد .- ضعه على السرير .ثم أجريت له الفحوصات السريعة وبابتسامة شفَّافة مصطنعة .. ابنك وضعه خطير .. بحاجة لعمل جراحي وعناية مشدّدة .- أرجوكم .. أرجوكم ماذا تنتظرون ؟ الجواب كان قاسياً كلسعة عقرب في يوم قائظ .- ادفع للصندوق عشرة آلاف على الحساب ..- اِقبلوه أنا ذاهب لإحضارها ، وهو يعلم بأنه لا يملك منها شيئاً .. جاءته عبارة الأسف بوضع لا يحسد عليه شعر بأن شيئاً ما حلَّ عليه وضع يده في جيبه ، لعب بشعره ، فرك شفته السفلى ، أدار وجهه عن وجه زوجته ... زوجته تخلع قطعة ذهبية من يدها ، خذها وبسرعة .صوت غير مألوف : - العمر لكم والبقيَّة بحياتكم نرجو دفع الكشف والمعاينة . نظرَتْ إلى زوجها ، ونظر إليها ، ونظرا معاً إلى مصدر الصوت وقدما السوارة الذهبية .. يحملان الفجيعة والفقيد ويجران الخيبة والحسرة ... 5-8-2010
هذا تاريخ نشرها
تعليقات
إرسال تعليق