الوعي و أجتيال الشياطين / الجزء الأول / خالد عبد الصمد

الـوعـي وأجتيـــال الشـــياطين "الجــزء الأول".
القــدس هـي قلـــب الأمـة العربيـــة، والصــراع الحضــاري عليهـــا قـديـم، وهـي مؤشـــر عـلي قــوة وضـــعف الأمـة العربيــة والأســلامية، ومؤشـــر عـلي ميـــزان القــوة بيــن الحضــارة العربيـــة والحضــارة الغربيــــة.
مـن يســتبيح القتـــل والأبـــادة والتجــويع، يســـتعذب الكـــذب وفــق مــبررات وحــجج كــاذبة ملفقـــة، والكـــذب هـو أحـد أســـلحة الحــرب، وجــزء أسـاسـي مـن الحــرب النفســـية ومـن التخـــذيل.
نظـــرية أعطــاء الحــرب فرصــــة، Give War Chance، مبنيـــة عـلي أشـــعال حــرب، وأدامـة تلـك الحــرب وأســـتمراهـا، والمقصــود ليــس أن ينتصـــر طــرف عـلي الآخـــر، وأنمـــا هزيمـــة كــل الأطــراف.
 
العـلاقـة الناضــجة والحيـــادية بيــن الســـنة والشـــيعة هـي أول الخطــوات فـي ســـبيل الـوحـدة، أمـا التنـــافر والتنـــاحر مـا هــو الا أذاقـــة البعــض بئــس بعـــض "نظــرية أعطــاء الحــرب فرصـــة".
الماضـــي قــد مضــــي ولا يمكـــن الـولـوج أليـــه، أنمـــا العبـــرة والحكمــــة تـؤخــذ منــــه بأعتبـــارة أمـر قـد وقــع فعليـــا، أمـا أنقـــاذ المســــتقبل بيـــد الحاضـــر وخــبرة الماضـــي، وذلــك فـي التخـــلي عـن الطائفيـــة والعرقيـــة والأقليميـــة وغــيرها، لــذا يعكـــف علمـــاء وباحـــثين الـدولـة الملفقـــة عـلي دراســـة تـاريخ الحــروب "الحمــلات" الصـــليبية، بكــافة تفاصـــيلها لتــلافي ســـقوط الـدولـة الملفقـــة.
الحــروب اليــوم بـأدوات ومفـاهـيم جــديـدة، والحــروب الصـــليبية فـي الماضـــي، تعـــود اليــوم لكــن بأســماء جــديـدة، تحـــت مـزاعـم أحــلال الســلام بالقـــوة، وحمــاية الأقليـــات، وحفــظ الســلام العالمــي وغــيرها.
المجتمـــع فـي ذات العمــاد "غـرب الأطلســـي" عـلي ســبيل المثـــال، لـه العــديد مـن الطوائـــف والمــلل والنحـــل المختلفـــة، تظهـــر تلـوينــاتهـا فـي الطائفـــة المعمـــدانيـة "البابتيســــت"، والمشـــيخية "البريســبيتيريـان"، والأنجليكــانية "تجمــع بيـن الكـاثـوليكيــة والبروتســـتانتيـة"، وحـتي الطائفـــة التوحيــدية "يونيتــارينـان تيـرش" والمــورمـون "كنيســة يســوع المســيح لقـديســي الأيــام الأخيــرة"، والتـي يعتــبرهـا البعــض خــارج المــلة، هــذا التنـــوع والتــلون يعطــي المجتمعـــات أفكــار خاصــــة، بعضـــها يتــوازي وبعضـــها يتعـــامد، وكــان لأبــد مـن وجــود يحتــوي كـافـة الأطيـــاف، بـلا تعـــارض أو تصـــارع لكـي يســتتب الســلام للأســـتقرار، كـان الأهــم المنطـــق والعقـــل والتــدبر والحيـــادية لتلاشـــي أو تـلافـي الأختـــلاف المذهــبي، فأختـــلاف المذهبيــــة أو المبــادئ العقــائدية لا تعــني النــزاع، بـل لأبــد مـن تجــنب الأختـــلاف والأكتفـــاء بالجـوهـر لأحــلال الســلام بيـن النـاس، لكــي يســتقيم المجتمـــع، بمعــني أن الأختــلاف فـي التصــورات العقــائدية وفـي الشـــعائر وفـي الـــرؤي لا يــؤدي الـي التنـــاحر أو الصـــراع.
ســـطوة وقــوة ذات العمـــاد، جعلتهـــا دولـة تلتقـــي بظلالهـــا عـلي أرجــاء العــالـم، فلمـــاذا المنطقـــة العربيـــة والأســلامية لا تحـــذو حـــذو ذات العمـــاد؟.
ومـن منطـــلق الهيمنـــة والســيطرة لـذات العمـــاد، تبـــرر ذات العمـــاد لحلفـــاؤها مـا ترتكبـــه مـن أخطـــاء، بمــبررات وحــجج ســـاذجة وللأســـف يـتم تصـــديقها، قــد يعـــري الغــرب نفســه بنفســـه وللأســـف لا يــري العــرب والمســلمين ســـوآته، وكــأن الغــرب محصـــن ضــد الأخطـــاء، والمــبررات قـد تكــون عـلي النحــو التــالي، التظـــاهر بالجهــــل – التشـويـش عـلي الحقـــائق "طمســـها" – الأنكــــار – الدبلـوماســـية الملــونة.
قـد يتقــاطع الفكــر السـياسـي والفلســـفي المعاصـــر مـع التحليــل الديـني العميـــق، وعـلي ســبيل المثــال الأعـلامـي تـاكـر كارلســـون قـال مؤخــرا تصــريحا جريئــــا "أن الغـــرب تحكمـــة قــوي خـارقـة للطبيـــعة مـن الحجـــيم"، مـن المـؤكـد أن هــذه العبـــارة ليســـت أســتعارة، بـل قـد تعـــبر عـن الحضــارة الغربيـــة برجههــا الليــبرالي المتطـــرف،
تحـــت تآثــير قــوة شـــيطانية حقيقيـــة، قـد تتمثـــل فـي الحكــومـة العميقـــة العـاملـة مـن وراء حجـــاب.
الخلفيـــة الدينيـــة والفلســقية غيبـــت، عـن وعـي الأنســان المعاصـــر، وخاصـــة فـي العـالـم الغــربي منــذ خمســة قــرون، وظــلال هـذا التغييــب أصـــابات للأســـف العــالم العـربي والأســـلامي تحــت مظــلة التنــوير، وذلــك عنــدما تخــلي الغــرب رســـميا عـن التعاليــم المســـيحية، بفكــرة أن العقـــل خاصــية بشــرية حصــرية، ومـا دون الأنســان لا يمتــلك وعيــا عقــلانيا، الرســالات الســماوية كـافـة تـؤكـد وجـــود ثــلاث مســـتويات مـن الكائنــات العـاقـلة، الملائكــة كائنـــات نقيـــة بـلا جســـد، تعــي وتنفـــذ دون أعــتراض، والبشـــر هـم عقــول فـي أجســـاد، يتشــــتت وعيهـــا لأحتيــاجات الجســـد ورغبـــاته، والجــن وهـي غــير مرئيـــة، ولهــا القــدرة عـلي أضــلال البشـــر عـبر الوسـوسـة، والجميـــع جــزء لا يتجــزأ مـن البنــاء الكــوني، الملائكــة هـي القــوة الصــالحة والتـي تعيــن عـلي الســلوك القـويـم، أمـا الشــياطين يســعون لجـــذب الأنســان الـي الأنحـــراف والتيـــه.
أنفصـــال الحضــارة عـن الأيمــان، يقطــع الصــلة مـع مصـــادر العقـلانيـة الحقيقيـــة، فباتـــت الحضــارة متـآثـرة بالمـس الشــيطاني، أو التفــاعـل مـع المســـارات التدمـيرية، وأبتــداع الأدوات لتفكــيك الـروابط الطــبيعية والروحيــة للمجتمعــات، دون تفــريق بيــن هـذا وذاك.
تـم أبتــداع مـا يســمي بالـديـانة الوطنيـــة، والمــؤدية رويــدا رويــدا الـي الكفـــر بالرســالات الســماوية.
وقـد يكمــن المعــني الـرمـزي أو المجــازي لذلــك، فـي قصـــة المـلك أو الحـاكـم بيلاطـس البنطـــي "الـوالي الـرومـاني آنــذاك" عــندما خــير عبــاد العجـــل بيـن أطــلاق ســـراح المجــرم بـارابـاس وبيــن نبـي الله عيســي عليـه الســلام. حســب روايــات الأناجيـــل (مـتى 27، مـرقـس 15، لــوقـا 23، يـوحنـــا 18)، والجمهــور أختــار أطـلاق المجــرم بـارابــاس، عـلي الـرغـم مـن نبـــوة نـبي الله عيسـي عليـه الســلام الواضــحة والكاشــفة، وهـذا يعــني أن الجمهــور أســتحب العمــي عـلي الهــدي.
 
لــذا أعتقـــد أن تمــام تعـــافي ســـوريا وتركيــــا ومصــــر وذلــك فـي وحـدتهـــم وأعتصـــامهم، هــو الطــريق الوحــيد الـي التغـــيير وأســـتعادة مـا فقـــد.
أســئل الله تبــارك وتعـــالي الســلامة ويقظـــة الـوعـي للجميـــع دون أســتثناء.
خـالـد عـبد الصــمد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء