حتى لا يرف لهم جفن رحمة / سامية خليفة / لبنان

حتى لا يرف لهم جفنُ رحمةٍ/ سرد 
تعبيري 

يا امرأةَ العطرِ، تضوعينَ مسكًا في رحابِ مخيّلتي، تبدِّدين عثراتِ الذّاكرةِ، ترمينَ بحجارتِها بعيدا إلا شاهدةَ قبري فما زالتْ في مكانِها، هل استعصى عليكِ رميَها بعيدًا عني؟ في الصاعقةِ كان مقتلي ها أنذا القتيلُ، ما فرَّقنا الموتُ وإنما في الشوقِ كان دماري، أنا المكتظّ رحيلا الغارق تكفينًا، أسمعُ فحيحَ الألسنِ تتبارى في إشعالِ الفتنِ! أنا الميتُ المسالمُ لا يلهجُ لساني إلا بتراتيلِ ذكراكِ يسائلُ الفيافيَ عن هديلِ صوتِك
عن عطرِك، كمجنونِ ليلى أبحثُ عن وجهِكِ في مرايا السّرابِ، أسائلك يا مهجةَ القلبِ وبهجتَهُ لماذا الكثيرون غائبون عن الحدثِ؟  
هل هم في سباتٍ لا تحرّكهم إلا سرنمات تسيّرهم بلا وعي أم أنّ كلّ ما يدور حولهم أطيافٌ لا تعنيهم؟  
كيف للعقلِ أن يحتملَ مساغبَ الموت ومشاويَ حتى التفحّم كيف للعينِ أن تصدِّقَ ما تراه وما تلمسه؟ أنا هنا في قبر ِضيّق أرى وأشعرُ وهم على وجه البسيطة غافلون! يا لعارِ واقعٍ مخزٍ لفّ الأرضَ! ها هنا ظلّي الذي أبى أن يفارقني يربّت على كتفي الحاني 
  بل على عظامي التي ينخرها اللّاجدوى، في موتي يكبر اللّامعنى فأشعاري ماتت في حضن العدم ِ، أراهم وقد أحكموا إغلاقَ منافذِ القبرِ، عدا صديقتي الشَّمسُ بإشعاعاتها تبرق إليّ برسائلَ مستعجلةٍ لأشاركَها المصابَ، أيا شمسُ من بعدِ غروبِك الأخيرِ عن حياتي، هم لم يحكموا إغلاقَ الفجرِ عن روحي هم لم يدركوا أن الشمس تشرق من بين حنايا الرّوح النّقيّة؟ بين أنتِ حبيبتي وبين هم أودعتُ رسالتي لعلّها تصل إلى غزّة 
 بين أنتِ معشوقتي وبين هم عجزي هناك صراخٌ أسمعُه نحيبٌ أشعرُ به ثكل أعيشُه. جوعُهم ثقبَ الكونَ فشعر وانتفضَ ، إلا هؤلاء الوحوشُ أصموا الآذان حتّى يناموا بلا كوابيس حتى يأكلوا بلا غصّاتٍ حتّى يزنوا فرحين. هم ُأغلقوا العيونَ حتى لا يرفّ لهمْ جفن  
رحمة .

سامية خليفة /لبنان

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء