مكانة المرأة في التاريخ / عبد الحميد ديوان
مكانة المرآة في التاريخ
قراءة في موسوعة ( أشهر النساء في التاريخ )
المرآة .. ذلك الكائن النوراني الذي خلقه الله تعالى من ضلع آدم عليه السلام لتكون سكناً له , ولتعمر الكون , وتعطيه من فيض أنوثتها عطر المحبة ونسغ الحياة المتجددة دائماً وعلى مر العصور .
لقد شغلت المرآة في التاريخ البشري حيزاً كبيراً في كتاب الزمن , وحفرت بإنجازاتها الكبيرة والعظيمة أثراً خالداً لا يمكن للزمن أن يمحوه .
وللأسف فإن كثيراً منا يجهل أو يتجاهل دور المرآة في هذه الحياة , بل وفي حياة البشرية بشكل عام .
فهي الأم التي تعمر البيت وتجعله عظيماً إن أحسن تربيتها , وتدمر المجتمع بكامله إن أسيء تربيتها ونشوءها , ولذلك وجدنا الأدباء و المفكرين يحرصون دائماً على أن يكون الاهتمام بالمرآة أولاً وبإعدادها إعداداً جيداً كما قال شوقي :
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
والقصص في عظمة المرآة ودورها الكبير في بناء الحضارات كثيرة . فالتاريخ شاهد على ذلك من هذا المنطلق وجدت أن من واجبي أن أفرد لها في كتاباتي حيزاً واسعاً أذكر فيه إنجازاتها من الجانبين السلبي والايجابي , فعمدت إلى كتابة موسوعتي ( أشهر النساء في التاريخ ) التي ذكرت فيها شهيرات النساء عبر هذا الزمن الطويل . بدءاً من حواء ( أم البشر ) حتى وقتنا الحاضر , وقسمت كتابي إلى ثلاثة أجزاء أولها تحدثت فيه عن الزمن القديم منذ حواء وابنتها اقليما ( مسببة الجريمة الأولى في التاريخ ) , وحتى نهاية العصر الجاهلي مختتماً هذا الجزء بـ ( عبلة بنت مالك ) ابنة عم عنترة . وفي القسم الثاني تحدثت فيه عن التاريخ العربي الاسلامي بدءاً من السيدة الجليلة آمنة بنت وهب أم الرسول الكريم محمد بن عبد الله سيد البشرية وعظيمتها . وانتهاء بشجرة الدر المملوكية .
أما القسم الثالث فتحدثت فيه عن العصور الوسطى بدءاً من أسماء الصليحية واختها أروى ملكة اليمن والتي تقارب في شهرتها وانجازاتها ( بلقيس ) العظيمة . وحتى وقتنا الحاضر مختتماً ذلك بشخصيات أدبية وعلمية وسياسية كان لها الأثر الكبير في حياة شعوبها وهذا السفر الكبير يحتوي على ما يقرب من مئة وخمسين شخصية نسائية كان للمرآة العربية الحيز الأكبر فيها والسبب في ذلك أن التاريخ القديم لم يأت على ذكر نساء لهن بصمة في جدار الزمن خارج نطاق هذه المنطقة وذلك لأن الحضارات القديمة كانت مرتبطة بهذه البقعة من الأرض , في مصر وسوريا والعراق بشكل كامل . وما حضارة اليونان إلا جزء أساسي من هذه الحضارات ( ونحن لسنا بصدد الحديث عن الحضارات , بل عن تأثير النساء في تلك الحضارات ) .
ففي الزمن الأول برزت أسماء عظيمة كنساء الأنبياء وتأثيرهن الايجابي والسلبي في دعوتهم . كما برزت أسماء كبرى مثل : حتشبوت ونفرتيتي وسمير أميس وبلقيس ملكة سبأ وجوليا دومنا ( السورية ) وختها ( جوليا ماسيا ) اللتان حكمتا روما أكثر من ثلاثمئة عام مع ابنائهن . وكذلك زنوبيا ملكة تدمر العظيمة التي قهرت روما في حربها معه .
وفي الجزء الثاني ذكرت أسماء عظيمة مثل أم رسول الله وزوجته خديجة التي كانت لها الأثر الكبير في تحمل عبء الرسالة مع زوجها العظيم .
وفي الجزء الثالث ابرزت جور المرآة السورية في كل مجالاتها الأدبية والفكرية من أمثال ديانا المراش ونديمة المنقاري وغادة السمان وكولييت خوري وغيرهن .
وللعلم فإن المرآة السورية كان لها الدور الكبير والبارز في كل الحضارات التي تعاقبت على عالمنا , ففي الزمن القديم برزت نفرتيتي الملكة المصرية الشهيرة والتي هي من أصول سورية فكان لها الفضل في توحيد مصر ونقل عبادتها من آمون كما هو معروف إلى أتون إله الشمس ووحدت تلك العبادة مع زوجها ( اخناتون ) .
واستطاعت جوليا دومنا ( السورية الحمصية ابنة كاهن حمص ) من اعتلاء عرش روما مع زوجها سبتيموس سفيروس والنهوض بالمبراطورية الرومانية ردحاً طويلاً من الزمن ولا ننسى زنوبيا وأعمالها الكبيرة بالإضافة إلى بلقيس ملكة اليمن وغيرهن كثر ولا ننسى أيضاً أليسار أميرة صور التي أسست مملكة قرطاجة في تونس وهي أصول سورية وكذلك كليوبترا والتي يقال إنها من أصول فينيقية سورية أيضاً .
وبعد .. لقد أردت من خلال كتابي هذا أن أبرز دور المرآة في حياتنا وأهميته فإن أحسنا تربية أبنائنا وبناتنا بشكل أساسي نكون قد أسسنا لبناء مجتمع سليم محاط بسور الأخلاق الرفيعة والكريمة وإلا فإن مجتمعنا معرض للتفكك والضياع , يقول الشاعر :
ربو البنين مع التعليم تربية
يمسي بها ناقص الأخلاق مكتملاً
د عبد الحميد ديوان
تعليقات
إرسال تعليق