القنبلة / رضا الحسيني ( 21 )...

... . القنبلة رواية / رضا الحسيني ( 21 )
تقدمتْ بخطوات متراجعة متقدمة تكسوها ابتسامات الخجل واللهفة ، وكان الأمر شديد الوضوح المغلف بعدم التصريح ، هي التي جاءت بصاصا وليست صاصا التي جاءت بها ، وكلما اقتربت خطوة منه اقتربت روائح عطر يعبق بشيء غريب ، فالقنابل تنبعث منها أدخنة وروائح غير محبوبة ، أما قنبلة صديقي الكاتب كانت مختلفة ، جاءت برائحة عطر أنثوي يقول بهدوء وابتهاج ( هذا هو ) ، وصارت هذه الجملة هي ضي عيونها وابتسامتها وخجلها
اقتربتْ منه أكثر بلهفتها كما اقترب وصول صديقي الكاتب للمعرض بقنبلته ، ولكن هنا اقتراب أرق وأجمل
مدت يدها ليده وكأنها تمد له كل حياتها ، ومدت مع يدها كل مابداخلها من إعجاب ورغبة في التواجد معه أكثر ، كانت مع خطواتها تقترب منه أحلام عاشتها لسنوات وحيدة تنتظر قلبها يسمح لها بالاقتراب من رجل مرة أخرى ، لم تكن ترغب إلا في إحساس يشدها رغما عنها ، إحساس يفتح لها نوافذ العطر الساحر الذي لاتقبل بسواه ، هنا وجدته ، هنا كانت اللحظة التي كانت تحلم بها ، وكأن صاصا أمسكت بمفاتيح سعادتها وفتحت و خطت بارتياح معها ومعه ، وكأن اندهاشها الذي يملأ عينيها يسبق يدها إليه ، والسؤال بداخلها يحاول أن يوقفها قبل أن تتقدم نحوه أكثر وأكثر ، ولكن فرحتها المنتشية به كانت أقوى وأسرع وهي تتقدم ،
فلحظة الإعجاب تخترق القلب بسرعة تفوق سرعة الصوت بمراحل ، ولا يخترق قلوبنا إعجاب ما بلا أسباب ، حين يعجبنا شيء ما أو إنسان ما لابد وأنه يتوافق أو يفوق كل مابداخلنا من أمنيات وأحلام
كنت أقف خلفه بعدة خطوات أشهد هذه اللحظة النادرة ، ربما يسعدنا الزمن بحضور لحظات ميلاد طفل ، كتاب ، نجم ، لكن قد لا يمنحنا لحظة ميلاد إحساس كهذه اللحظة مرتين ، لحظة ميلاد الإحساس تُحدِث بالكون كل شيء وكأن البشر والملائكة وكل المخلوقات في هذه اللحظة العبقرية يلتفون من حولهما معي ، لحظة اعتراف العيون والقلوب قبل الشفايف ، نظرت نحو الشاشة التي بها صورة صديقي الكاتب وابتسمت له قائلا :
_ كما أرهقتني معك ياصديقي بقنبلتك ، بقدر ما أنا الآن في سعادة نادرة لأنني أعيش هذه اللحظة الجميلة
من قبل لم تمر بي لحظة مثلها ، لحظة أول سلام باليد والعين والقلب بين روحين في حفل ميلاد مشاعرهما ، شكرا لك صديقي الكاتب ، وليتك لاتصل الآن لأرض المعرض كي تستمر هذه اللحظة الساحرة
ولأنني لم أكن بعيدا عنهما إلا بمايقرب من ثلاث خطوات ، وجدتني أسمع الكثير مما دار بينهما ،وأجمل ماسمعته هو ماقالته عيناهما ولم يشعرا بوجودي ، ولم يهتما بشيء إلا بالتقاء اليدين للسلام ، والتقاء العيون بالابتسام ، والتقاء القلبين بأروع هيام ، قالت :
وغدا نعرف ماقالته له في 22

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء