حوار هادئ/زيد الطهراوي

 حوار هادئ مع رسام بدائي / زيد الطهراوي 

 


لا لستُ مخطئاً أيها الرسام كما تدعي

و لكنني مختلف عنك

أنا منغمس في بيئتي 

و أنت لا تغادر مرسمك 

أنت ترسم الصورة البدائية لهذه الحياة 

و تشرد من كل الأحداث التي تحصل بعد ذلك فتشوه المشهد 

أما أنا فقد اكتويت بلفحها و لذلك أتكلم معك من الأرصفة التي شهدت المآسي 

الناس في المدينة لا يتقنون الفرح

كأنهم يحسدون أنفسهم على أشجار الفرح المتمايلة في حدائقهم فيهجمون عليها بفؤوسهم لتستريح البشرية من نكهة التفاؤل التي تنعش الأفئدة

لقد كانت ورود الطريق تنتشي في الواقع

و ما كنت أحتاج إلى التخيلات

أنا الشادي الذي يدخل أفواج السرور على البشر 

أنا نوافذ لا تغلق

أنا صباح يتلوه صباح

لم تكن منغصات الحياة جاثمة على قلبي

كنت أسابق النحل في ارتشاف العسل

و المدينة كانت تفتح ذراعيها لي مقبلا و مدبرا

أكان هذا حلماً استيقظت منه ؟

أم كان ماضياً رحل سريعا و حل مكانه شوك الطريق

و لماذا لم يستمر الفرح البريء في نسج أثواب حياتي؟

أما أنت أيها الرسام فأنت مصيب و مخطئ

مصيب إذا أردت أن تشحذ الهمم لتسعى نحو بناء مستقبل مشرق 

و لكنك مخطئ إذا أردت أن يغيب الناس عن واقعهم و يسبحوا في بحر الخيالات الخادع ليغرقوا في أوهامه

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء