حين تغيب معايير الإدراك / أحمد بلول
حين تغيب معايير الإدراك ، و أحكام العقل!
إنّنا نعيش اليوم أزمة ثقافة ، أزمة وعي بالمسؤولية ، وتلك هي مخرجات أو هي ترجمة لسلوك اللاوعي بما نفعل ، تحدث هذه حين يغيب الضمير، ويتفشّى الجهل، وتعمّ فوضى الأفكار ، والثقافة المغلوطة ، وعدم الشعور بواجب المسؤولية ، فيصبح كلّ فرد يتبرّأ من مسؤوليته ، ويُلقيها على الآخر ، في حين هي مسؤولية المجتمع بكامله ، ويفعل الجهل بصاحبة ما يفعل العدوّ بعدوّه ....
..كثيرٌ منّا يعتقد أنّ الأمّيّ هو الجاهل الذي لم يحسن القراءة والكتابة ، في حين أنّ الجهل - في تصوّرنا – هو من غابت عنه معاييرُ الإدراك والمفاهيم ، وهو حامل لشهادات مؤهّلة ، فيضع المعنى في غير لفظه ، والكلمة في غير تركيبها ، والخطاب في غير سياقه، أو يفهم الأشياء بمفاهيمَ خاطئة . إنّنا نعاني اليوم صراعاً في فوضى الاجتماع ، فوضى فكرية ،أخلاقية ، ثقافية ، سياسية نريد عدالة ولسنا عادلين ، نريد حرية ونحن صنّاع القيود ، نريد حضارة ونحن من يشوّه الفطرة السليمة التي تسعى إليها كلّ حضارة ، نريد أن نربّي أبناءنا على حسن الخلق ، ونحن من نغرس فيهم مساوئَ الأخلاق بسلوكنا ، بمعاملاتنا أمامهم ونحن قدوتهم فيما يرَون، فتقليدُ الأبناءِ سلوكَ الآباءِ أعظم وأكبر تنشئة ًتربوية ً من الخطاب التربويّ الشفويّ ، كم من جريمة أخلاقية حين ندعو أبناءنا أن يحافظوا على محيط القرية ، أو المدينة ، ثمّ يأخذ هذا الأبُ أو الأمّ أكياسا من الفضلات في أكياسٍ ، ثمّ يرمي بها تحت الشجيرات التي غُرست خصّيصا زينةً للشارع ، فتُجمع الأضداد لتدلّ على معنى واحد يصعب على العقل أن يُصدر أحكاماً ليعطي المعنى الصحيح ، تأمر الأمّ أو الأب البنت والولد ألاّ يكذبَ ، ثم يأخذ هاتفه ليردّ على المكالمة الطارئة : - وهو في بيته - أنا خارج البيت وسأعود بعد قليل، ويعلو الخطاب المنابر أنّ الرشوة حرام ، والنفاق جرم ، ثمّ ما يلبث المخاطِب أن يفعل ما كان ينهى عنه ، وكذلك الأستاذ ، والعامل ، والمسؤول .و..و أيّ مجتمع هذا ؟! وعندما نقرّ بعجزنا ، وأنّنا غير مؤهّلين، فإذا جاء من يرشدنا ليعالج أدواءنا ، فقهْنا كلّ شيء بادِّعاء العلم والمعرفة ،و فقْناه منزلة ،وعلما ورشدا ، ورمينا نصحَه ورشدَه وراء ظهورنا .........
أحمد بلول المسعديّ الجـلـــــــــــــــفة / الجزائر.
تعليقات
إرسال تعليق