يقظة الوعي ( الجزء الخامس و الثلاثين ) / الوعي و الجبال _ الجزء الثاني / خالد عبد الصمد
يقظــــــة الـــوعــي (الجـــزء الخـامـس والثـــلاثـين):-
الــوعـي والجبــــال – الجــــزء الثـــاني.
مـا هـي الأدوات التـي تجعــــل الأرض مــتزنـة فـي دورانهــــا دون أهــتزاز أو تذبـــذب أو أرتجــــاج "الحــركـة حــول محــورهـا ودورانهـــا حـول الشــمس"؟. (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ. ســورة الأنبيـــاء 33).
الأجـــابـة هـي الجبــــال.
الجبـــال واعيـــه ملتـــزمـة تمــام الألـــتزام بطــاعة الله تبــارك وتعــالي تســــجد لـه دائمـــا وأبــدا خضـــعوا وخشـــوعا. ويتضــح ذلــك مـن قــول الله ســبحانه وتعــالي "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ. ســورة الحـج 18".
الجبــال واعيــــة تســـمع وتــري وتشـــعر لكــن وفـــق مـا خلقهــــا الله تبــارك وتعــالي لـه ويتضـــح ذلــك مـن تـدبــر وتـأمــل كلمـــات الله ســبحانه وتعــالي وحســـن تأويلهـــــا:-
تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا. ســورة مـريــم 90.
فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ. ســـورة الأنبيــاء 79.
وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ. ســورة ســبأ 10.
لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. ســـورة الحشـــر 21.
وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَىٰ ۗ بَل لِّلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا ۗ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ۗ وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ. ســـورة الـرعـد 31.
وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ. ســـورة الأعــراف 143.
أذا عــرض مكـــر المكذبيـــن المنكــرين عـلي الجبـــال "المكــــر فيــه الشـــرك والمعـــاندة والتكذيــــب" لتلاشـــت الجبـــال مـن فــرط ألحـــادهـم ونكـــرانهـم للأدلــة والثوابـــت الكونيـــة. أليـس هــذا يعــني أن للجبـــال وعــي وأدراك. "وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ. ســورة أبراهــيم 46".
الأختـــلاف فـي التركــيب الجيـولوجـي للجبـــال كمـا هـو الأختــلاف فـي التركــيب الجيـني والـوراثـي للأنســان والـدواب. فالجبـــال كالأمــم تتحـــرك وتـدب عـلي الأرض لكــن بطريقتهـــــا التـي أخضـــعها بهـا الله ســبحانه وتعــالي " وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ. ســـورة الأنعــام 38". والجبـــال ســـيارة تتحـــرك وفـق ســـنن الله التـي خلقهــــا وصـــنعها مـن أجلهـــا "وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ۚ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ. ســورة النمــل 88".
فنســيج الجبـــال يختــلف وفـق صــناعة الله الخـالـق البــارئ المصـــور "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ. ســورة فـاطـــر".
الجبـــال كتـــل صـــخرية هـائــلة لحفـــظ أتــزان الأرض فـلا تــدور بتــذبـذب يـؤثــر عـلي ســـلامتها وســلامة مـن عليهـــا فهـي صــناعة الخـالق القيـــوم. والجبـــال لتثبيـــت القشـــرة الأرضـــية فـلا تنـــزلق بشـــكل عشـــوائي "نظـــرية الصــفائح التكتـونيـــة".
العـلوم الحديثـــة والتكنــولوجيـا المتطـــورة (فـي القـــرن العشـــرين ومـا بعــدهـا) وبتصـــوير الأعمـــاق. وجــد أن الجبـــال ليســـت الجــزء الظـــاهـر فــوق ســـطح الأرض فقـــط كمـا تــري بالعـــين المجــردة. بــل الجبـــل مغـــروس بشـــكل مدبـــب (وتـــد). وهـــذا الـوتــد مصـــمم بطريقــــة هندســـية دقيقــــة لتحمـــل هـذه الأوزان الهـائـلة ولكـي تتثــبت هـذه الكتـــلة ضـــد قــوي تآثيـــر الطــرد المـركـزي الناتجــــة عـن دوران الأرض حـول محـــورهـا. ويتضـــح ذلــك بجــــلاء فـي قــول الله تبـــارك وتعــالي:-
وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ. ســورة الغاشــية 19.
وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا. ســورة النـازعـات 32.
وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا. ســـورة النبـــأ 7.
وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ. ســورة النحــل 15.
قــمم الجبـــال تســـقط عليهـــا الثــلوج وتنصـــهر رويـــدا رويــــدا فيتـم الأســـتفادة منهــــا. لو ســـقطت الثــلوج دفعـــة واحــدة ما تحققـــت الفـائدة منهــــا. بــل ســـتخلف نتيجـــة الـذوبـان والأنصـــهار ســـيول عـارمـة تهـلك الأنســان والنبــات والحــيوان. كمـا أنهــا تعمــل كمصــدات للـريـاح المحمـــلة ببخــار المــاء. فتصـــعد الـي الأعــلي لتبـــرد فتكـــون الثــلوج أو الســـحاب الثقـــال الـذي يتحــول الـي أمطــار أو ينـابيع للأنهــار العــذبــة. ويتضـــح ذلــك مـن قــول الله تبــارك وتعــالي:-
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ ۖ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ. ســورة النــور 43.
وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا ۖ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ۖ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. ســورة الـرعـد 3.
والجبـــال مـأوي وســـكن لمخــلوقـات الله تبــارك وتعــالي المختلفــــة تقـــي الحــر والبـــرد وفيهــا الأمــان والأطمئنــــان
وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ. ســورة النحـل 68. (الأيحـــاء هـو الأعـــلام بخفـــاء وهــذا لا يتــم الا مـن خالقهـــا الله ســبحانه وتعــــالى).
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ. ســورة النحــل 81.
أكتفـــي بهـــذا القــــدر ونكمــــل فـي الجــزء القـــادم (الأخـــير) أن شـــاء الله تبـــارك وتعـــالي.
خـالـــد عـبد الصــــمد.
تعليقات
إرسال تعليق