طقوس لسواد القلب / محمود محمد أسد
طقوس لِسَواد القلب
القصيدة التي لم تر النور
وجاءت بعد تنصيب الفار والمخلوع والأهبل
سوادٌ يَحطُّ علينا قبيل المخاضِ
قُبيلَ انتهاءِ الفصولِ المعدَّةِ
للرقصِ عند الحصادِ ،
و قبلَ احتراقِ الفصولِ
و قبلَ احتراقِ المراحلْ..
يُطِلُّ الخديجُ طرِيَّاً
أتاهم وديعاً صبيّا..
عنِ النطقِ يَعْجَزُ ،
يَخْجَلُ من نفسِهِ في الصباحِ..
ـ ـ ـ
سوادٌ على كلِّ أرصفةِ العمرِ
فوق السفينِ
و فوق البيارقْ.
و ليلى بِقُرْبِ الحشودِ
تُنقِّلُ أحزانَها
و العيونُ سهامٌ تطارِدُ
مَنْ كان شاردْ..
و خلفَ النوافِذِ فيضُ المهازلْ..
سوادٌ يداهِمُ صدري
و لمّا يغادِرْ
فأخشى عليَّ من البوحِ ،
إنْ بُحْتُ أُمْسِ بعيداً بعيداً
كأيِّ مُعارِضْ..
ـ ـ ـ
سوادٌ وراء الدروبِ التي أنكرَتْ
نبضنا من زمانٍ
و نامَتْ على زَنْدِ كلِّ الذينَ
أهانوا المواقفْ.
سوادٌ تنقَّلَ بينَ الجفونِ
و بينَ امتشاقِ النفاقِ
و بينَ اللواتي تمدَّدْنَ حزْناً،
نتفْنَ الشعورَ ،
رفَعْنَ الحياءَ
و بَعْدَ دقائقَ أنْهَيْنَ فَصْلَ الحداد..
سوادٌ يَمجُّ الرِّياءَ
و يَبْصُق في وجهِ ذاك المخاتلْ.
ـ ـ ـ
سوادٌ يكشِّفُ عوراتِ
أهلِ النجومِ، و أهلِ المراتبِ فينا
سوادٌ يُعرِّي الرصيفَ
يعرِّي الرقيبَ
و يكشِفُ ما كانَ خلفَ اللِّحى
من مزابلْ..
سواداً أرى أم بياضاً ؟
قروداً أرى أم نِعاجاً ؟
سوادٌ بحجمِ القبابِ و قد لوَّثَتْها العمائمْ
سوادٌ بحجمِ المساجدِ بعدَ خمودِ المآذنْ..
ـ ـ ـ
سوادٌ يغطّي مساماتِ جلدي
و يَسْحَبُ منها بياضَ النهارِ
يشدُّ العيونَ إليهِ
ليَسْحَبَ منها الوميضَ
سوادٌ يُميتُ أماني الكبارِ
و قدْ حُوِّلوا لأرانبْ.
أحالَ الذين أضاؤوا الظلامَ
بومضِ النجومِ صراصيرَ
تَمْضَغُ ذلَّ السوادِ
و ذلَّ انتظارٍ أمامَ خديجٍ
يخافُ خيالَهْ..
يخافُ الظلامَ فيوقظُ أمّاً
تراقبُ كلَّ المداخلْ.
ـ ـ ـ
سوادٌ تلكَّأ حتَّى يعكِّرَ
دَرْبَ النهارِ..
و ها أنْتَ تَصْعَدُ فوق الروابي
و تَقْفِزُ فوقَ المسافاتِ
حولَكَ ألفُ نَذْلٍ مراهقْ..
و ها أنْتَ تخطفُ ما كانَ
فوق المناكبِ
تجتاز كلَّ رهانٍ
تُقَلَّدُ أعلى المناصبِ
كلَّ المراتبْ
تمزِّقُ روحَ القوانينِ
تخنُقُ نبضَ الدساتيرِ
تجتاز في ساعةٍ معجزاتِ الزمانِ..
و ترقى السلالِمَ دونَ انتظارٍ
و دونَ اشتهاءٍ
و تصْعَدُ فوق المنابرْ..
تبولُ حليباً ليَشْرَبَ منْهُ
دُعاةُ المكارِمِ ،
سوف يكونُ الدواءَ
و عطراً لأهلِ المنازِلْ..
ـ ـ ـ
سوادٌ..سوادٌ..سوادٌ..
و نأتي إليكَ جراداً و نملاً ،
سنأتي بعوضاً و قملا
عجوزاً و طفلا
نبيعُكَ كلَّ انتظارِ السنينَ
و بينَ يديْكَ ننامُ نعاجاً و ظلّا،
فهلَّا نكافيكَ يا زينَ
زين الرجالِ..
سوادٌ.أراهُ يبوحُ بغيرِ شفاهٍ
بغيرِ مقابلْ..
*****
محمود محمد أسد
تعليقات
إرسال تعليق