أتدرون من سألني /أحمد بلول

 أتدرون من سألني؟؟ إنّه الذكاء الاصطناعي......

جلّ العليمُ العظيم ( سبحانك ربّي لا إله إلا أنتَ العظيم العليم ) ، أنت ربّي عظمتْ صفاتك جعلتَ العلمَ نوراً.

أحبّائي منذ زمنٍ وأنا أبحث عمّن يجيبني ، أو يسألني ، ولكن لا أحد يعبأ بما كتبْتُ ، كأنّي أهسّ و أحدّثُ نفسي  ، كأنّي أحملُ صندوقاً مغلقاً لا يرى مَن حولي ما فيه .

كتبتُ مقالاً بعنوان ( بين المفهوم والواقع) ، وقد وثّقه الملتقى الحضاريّ الأدبيّ ولكلّ مسؤولٍ منه  منّي كلُّ الشكرِ والتقديرِ والاحترام .

وبعد أن زارني أحدُ الأصدقاء وقال لي إنَّ هناك تطبيقا يسمّى ( شات ج ب ت- chatgpt) ، يلخّص ، ويجيب  ، قلتُ : (إيـــــهٍ ) !!! تعجّباً  وتعظيماً لمن  جعل العلمَ نوراً وهدىً ، ولمّا أخضعنا المقال للتطبيق بدا لي ما ألم أكن أتوقّعه ، فلخّص المقال، وسألني  سؤالا  لم يُبدِه لي أحدٌ ، ووجدتُ فيه مُلتحداً، ولربّما لم  يهتمّ  به مثقّفٌ ، ولم يسأله مشرِّعٌ ، ولا برلمانيّ ، ولا جامعيّ ، ولا وضع من الأهداف الاستراتيجية لمدرسةٍ ، ولا مجتمعٍ ، ولا أمّةٍ - ووالله ما هو ما هو من بنات أفكاريّ ، ولا من إحالةِ مجازٍ، ولا إستعارة ، وهذا هو سؤاله : [[ هل تعتقد أنّ هناك حلولًا ممكنة لتجاوز هذه الفجوة بين المفهوم والواقع في مجتمعاتنا؟]]، بالطبع  يُصابُ بأنَّةٍ ، وتنهّدٍ ، واستغرابٍ كلُّ  مَن حمل همّاً كهمّي ، واعتراه  سقمٌ بسقمٍ ......

وهذا ملخّص مقالي  الذي لخّصه : ( شات ج ب ت- chatgpt) .

الملخّص :

ما طرحته هنا يعكس تأملات عميقة في واقع المجتمعات العربية، وتفاعلاتها مع مفاهيمها وتقاليدها في إطار المعاملات اليومية، سواء كانت دينية، سياسية أو اجتماعية. يبدو أنك تشير إلى الفجوة بين المفاهيم والممارسات الواقعية، وتسلط الضوء على كيف أن هذه الفجوة تؤدي إلى تعطيل التنمية والتقدم على مختلف الأصعدة. دعني ألخص بعض النقاط التي أثرتها:

1/ الواقعية مقابل المفهوم: تركز على أن المفاهيم التي تفتقر إلى الواقعية تصبح عديمة الفائدة، حتى وإن كانت صادقة أو مؤدية لمعنى صحيح. الواقع هو الذي يفرض نفسه ويعيد تشكيل المفاهيم حسب متطلبات الزمان والمكان.

التعامل مع الدين والمفاهيم الدينية: تشير إلى تناقضات كبيرة بين ما يقال في العلن (مثل الالتزام بالصلاة والعبادات) وبين ما يتم فعله في الواقع، حيث يصبح الفعل مجرد أداء شكلي لا يعكس النية الحقيقية أو الفهم العميق للمقاصد الدينية.

2/ الأنظمة والقوانين: تتحدث عن التباين بين النصوص القانونية وبين تطبيقها الفعلي على الأرض. كيف أن القوانين تظل حبرا على ورق، في حين أن الواقع يعكس عدم احترام هذه القوانين بسبب المحاباة والفساد والمصالح الشخصية.

3/الجهل وعدم الفهم: تبرز قضية جهل بعض الأفراد بالأصول والمفاهيم الأساسية التي تقف وراء الأفكار والممارسات، ما يعيق تقدم المجتمعات ويجعلها أسيرة للجهل والتقليد.

4/ تأثير الخارج على الداخل: ترى أن التفكير العربي قد أصبح محكوماً بالقوى العالمية التي تفرض أجنداتها من خلال التكنولوجيا والسياسات الاقتصادية، مما يجعل المجتمعات العربية تنشغل بالأمور المعيشية البسيطة، وتبتعد عن القضايا الكبرى.

5/الجدل العقيم والرداءة: تُعبر عن معاناة المجتمعات العربية من الجدال العقيم الذي لا يؤدي إلى تقدم، بل يعمق الهوة بين الأفراد ويعطل الأهداف الأساسية للتعليم والتنمية.

مما لا شك فيه أن هذا النوع من النقد هو دعوة لإعادة النظر في الأسس التي تقوم عليها المجتمعات، في محاولة لإيجاد حلول حقيقية لمسائل الجهل والفقر والتخلف الذي يعاني منه كثير من الناس. لكن في ذات الوقت، يبدو أن هناك حاجة لتحفيز التفكير النقدي والإصلاح الذاتي كي تتمكن هذه المجتمعات من استعادة قوتها الحضارية.

وهذا نصّ المقال للذي لم يصدّقني ، ولك أنْ تسأل التطبيق...

بين الواقع  والمفهوم

إنّ رسالةً ما تفتقر للواقعية، هي رسالة ميّتة وجب دفنها  في سِلال دفاتر الأيام ، أو أرشيف التاريخ ربّما لزم فتحُها في يومٍ من الأيّام ،لاستدعاء الواقع المتجدّد  ، حتّى ولو كان مفهومُها صادقا ، أو مؤدّياً لمعناه ، حيث صُرفة المعاني والأعمالِ والمقاصد ِ، هو واقع ُالأشياء كما هي عليه الآن في التعاملات ، ولذلك نجد الواقع  يفرض علينا فلسفتَه في المعاملة  ، ولو كان مخالفا  لأصول الأشياء ، فالضرورات التي تُبيح المحظورات، هي من فلسفة  واقع  الشيء ،لأنّ  سيرورة  الحياة تقتضي مسايرة  التجدّد المفروض بقوّة الواقع، ألا تلاحظ أنّ ما حَرّم  شَرْعُه قد يباح أكْلُه إذا لزم الوجوب؟ ، ألا تلاحظ  أنّ مبدأ القوّة وامتلاك أدواتها يفرض بالقوّة واقع الأشياء ؟ ، ألا تلاحظ أنّ ما يرجّح قولا على قولٍ ، أو حتّى حجّة على حجّة لرصد قيمةٍ علميّة أو أدبية هي معايير الواقع الذي هو منطلق التنظير الذي كانت عليه الأشياء في سابق عهدها  ، فآلت أصولاً لتقعيده ، فالواقع  هو حجّة الحجج ،  فإذا اختلفت أنا وأنت في تسمية الشمس فذاك حقّ لي ، و  حقّ لك ، ودليل ما لديّ من حجج ودليل ما لديك، هو فيصل الرجحان ، ولكن لا نختلف أنا وأنت  مع سلامة البصر في طلوعها أو غروبها علينا ونحن في جغرافيّة واحدة ما لم يحلْ بيننا وبينها حجاب ...

إنّ الكذب على الأفكار ، ومغالطة  مفاهيم  الواقع  من ثقافة  ، من سياسة ، من عدالة ، من معاملات ...،  هي  سبب  تخلّف  مجتمعاتنا العربية عن كلّ حضارة قائمة أو تقوم ، وإنّ مبدأ الأعمال وصدقها ، هو إخلاص النوايا والمقاصد ، ولا تسمّى الأعمالُ أعمالا،ولا الأفعالُ أفعالا إلاّ بإنجازها ، وإلاّ بقيت نوايا عالقة  في الضمائر لا يعلم  صدقها إلاّ هو  وصاحبها ، فكأنّك بذلك العمل تسمّي مولودا لم يولد ، إنّ ما تحتاجه العرب اليوم هو التصحيح  المفاهيمي لثقافة الأشياء ، فأيُّ صلاةٍ يصلّيها المسلم إذا لم تنهه عن قول الزور ، والفجور ، وأكل أموال الناس بالباطل ،و المحرّمات إلاّ كحركات بهلوانية تُؤدَّى للقفز على حِبال النفاق لتحقيق غاية أو مكسب ما فيتعامل مع هذه التعبّدية  ،وكأنّه يتعامل مع عقول بشريّة  ، فيخادعها ويراوغها . وأيّ مفهوم لقوانين نسنّها  قد تصلح نظاماً يقود مجتمعا راقيا  ، ولكن مع الأسف لا نطبّق هذه القوانين، فنجعلها مفاهيم مدفونة مدسوسة في دفاتر محجوبة لا نستعملها إلاّ لمغالطة الواقع بيننا ، فالذي يمتلك نقوداً ولا يصرفها كالذي لا يملك أصلا لهذه النقود  . كيف يتشدّق مَن تشدّق من رئيس دولة ،أو حزب ، أو إدارة  ، أو منظّمة ، أو جمعية بكلمة التداول على السلطة ، وهو يعمل جاهداً  لإبطال مفعول هذا النظام للتحايل عليه ، وقد بدت عليه تجاعيد  الشيخوخة ، ولم يتخلّ عن رئاسة  هذه السلطة  منذ ربع قرن أو يزيد ، وكأنّها  خلقت له  ،أو خلق لها  ؟  ، فأيّ لغة هذه ؟ ، وأيّ مفهوم هذا ؟  وأيّ طرح فكريّ  أو عقلي هذا ؟ ألسنا بشرا  نقول  لنُصدَّق، ونعمل لنجازى ....؟

إنّ ما أضرّ المجتمعات  العربية  - في تصوّرنا -  هو بساطة التفكير بعامل جهل الأشياء  كما تُحمل عليه ، فإذا جهلتُ الأصول، فأنّى لي أن أقعّد  الفروع والمشتقات ؟ ، وإذا جهلت المعنى فأنّى لي أن أعرف معنى المعنى؟ ، والحجّة القويّة مالكة  الكتابة  والتنظير ، وما يدير العالم هو القوّة  العلمية والتكنولوجية  والاقتصاد ، فأصبحت أفكارنا تُدار من بعيد بقوّة الواقع  العلميّ  والتكنولوجيّ ، بل حملتنا بساطة التفكير إلى عالم الاستغراب والغربة  ونحن في ديارنا ، فعشنا بعيدين عن أوطاننا ونحن  فيها ،  لصنع  هذه الأشياء  ،  فوِجّهتْ تفكيرنا عن قصد من إدارة غزو الأفكار حيث القوّة فاعلة ، والأدوات مالكة ، والسياسات  جاهزة  لنبقى نبحث  عن رغيفٍ نأكله ، ومسكن نسكنه ، ولباسٍ نلبسه  وحسبنا هذه الأشياء من ثقالِ  وزنها ، وما أحرق الزرع  وغرّز الضرعَ  الجدالُ العقيم الذي عادى بين الإخوة الأشقاء ، ففعل الخطاب العاطفيّ فعلته ،وأبعدت الجامعة والتعليم عن أهدافهما، وغاب المنهج ، وهميشت الكفاءة ، وزُكّت الرداءة .

أحمد  بلول المسعديّ / الجلفة / الجزائر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء