بداية لنهاية واحدة / محمود محمد أسد

محمود محمد أسد
بدايات لنهاية واحدة
1 –
بدايةُ خوفي يُهَدْهِدُها دمعُ أمي 
تناجي مواجعَ طفلٍ غريبٍ 
عن الأهلِ والثّدْي والحيِّ 
والأمنياتِ السحيقة ....
                   -2 -
بدايةُ رفضي رصاصةُ أنثى 
تمزِّقُ صدْرَ الفجيعةِ
بين العيونِ السليبه 
فلا تسألي عن بدايةِ رفضي 
لأنّي قبضْتُ الحقيقة .
                    -3-
بدايةِ وهمي طبولٌ ورقصٌ 
ومؤتمراتٌ تخبئ عنِّي الثقوب
تصادِرُ جوعَ اليراعِ،
رأيتُ المجاديفَ فيها تغرِّدُ للجوعِ 
تُعْلنُ بَدْءَ الحكايه.....
وهل تدرك اليومَ عمقَ البحارِ؟
وهل نحسنُ الآنَ حسنَ الجوار .... ؟ 
فتلك الفصولُ دروبُ البداية .... 
                     -4 – 
بدايةُ شوقي غوايةُ أنثى 
وأيَّةُ أنثى ؟                               
كزهرةِ عمري ، تعاني التفرُّدَ 
والشحَّ حتّى تقومَ النهايةْ 
تقــــولُ : ألسْنــا بيـادر صمت
رماها الغبار بداء البطالة..
نسيرُ على إبطِنا كالأفاعي 
ونمضغُ جمراً بليدَ الحواسِ
يضلِّلُ تلك الغصونَ
وقد فارقت فرحةً اللونِ ، والروحِ 
فالريحُ فيها توشوشُ للخوفِ: 
أطلِقْ هجيرَ الحروفِ الحبيسهْ ...
                    - 5 – 
بدايةُ صَمْتي رقيبٌ نجيبٌ 
    له عقدةٌ من حريرٍ 
   له شاربان ينامانِ فوق الرصيفْ
يعدُّ الفناجينَ ، يعرفُ نوعَ الجرائدِ 
يحصي الجلوسَ . 
يخبِّىء للأمسِ سرَّ الفجيعه.
وللغدِ يزرَعُ عزَّ العشيره....
فهلاْ أتاك صباحاً 
كذاك الذي في البلاهةِ يغرقُ 
يأتي ليطرُقَ بابَ الهزيمه....
                        - 6 – 
بدايةُ هذا الدّواءِ حكيمٌ أنيقٌ 
                    تناسى مريضهْ ....
ألم يُعْطِ للغافلين وعوداً 
بحجم السماء ،
فهل صارَ صوتُكَ سوطاً 
يُضجُّ مضاجعَهم في الأماسي ، 
فتُطْعِمُهمْ من سعيرِ المسامير خوفاً 
      وهجراً ولسعَ انتظارِ المواسم ....
                   - 7 - 
بدايةُ دربي وصايا خَطَطْتُمْ 
عليها البيانَ الرصينَ 
فأغْدَقتُمُ الحبَّ عهداً وحلفاً
وهل ندرك اليومَ 
كيف يسير المساءْ ؟ 
إلى أين يمضي القطار ؟؟ 
تقول كما قالَ غيرُكَ يوماً : 
    يخَرِّفُ ، يرتادُ بحرَ جنونه ...
يصاحبُ جنِّيَّةً تلتقيه مساءً
تغازلُ عينيهِ ، تقرأُ رسمَهْ .
تغيِّرُ فيه انتماءَه ...
                         - 8 – 
بداية صحوي نهايةُ خوفكْ.
أراك تجرَّدْتَ من عشق أرضكْ
تراني ، ألوِّحُ للآخرينَ 
وأزرعُ بشرى 
أتخشى انقشاعَ الظلامِ المخاتلْ ...؟
أتخشى القيامةَ بعد نزيفِ القصيده ...؟
فلو جئتني في المساءِ 
ولامَسْتَ دفقَ حروفي 
لأَيْقَظَك اليومَ موجٌ 
يسعِّر فيَّ الجفونَ 
فكيفَ أرافقُ خوفكْ ...؟
                       - 9 – 
رأيتُكَ يوماً حصاناً كسيحاً 
      وسيفاً لقطعِ العجينِ تبدَّى .
رأيتُكَ هرّاً وديعَ الحديثِ 
أمام الأرانبِ يُلْقى
ستهمِسُ للنملِ ، تدعو الفراشاتِ ظهراً 
لقبضِ الشعاعِ المشاكسْ ...
تعارِكُ عيناكَ ما فيهما من خمولٍ 
وتغسِلُ بالصمتِ جفنيكَ
تدعوهما للأمانِ المحايدْ ....
                  - 10 -
بداية صيفي شتاءٌ تعرَّى 
من الخوفِ ثمَّ ارتدى موتَهُ في النهارْ ....
وصيفُ وعودِكَ رملٌ                             
 يخادِعُ نَبْضَ المرافئ 
يسحبُ عنها ارتخاءَ الجفونِ
ويمضي كأيِّ مُجادِلْ
وهذا ربيعْ الفِراسةِ يسألُ عنَّا 
وأنتَ تحوِّطُ خصركَ 
   بالوعدِ والنارِ قبل اختزال الفصولْ ....
                     -11- 
أمامَكَ فيء الأماني 
ستوقظُ معجمَ من كان للحرفِ يسعى 
يُلَمْلِمُ ما سوف يبقى على البالِ 
من عند لاتِ العذارى ...
ولم تبقِ لي غيرَ نجوى 
أشدُّ إليها القصائدَ 
أقرأ منها البدايةَ ، 
تقرؤني للنهايهْ ......
ولمَّا أجدْ في الغصونِ بريقاً 
     يبارك صبري ، وينشُل جوعي .
يؤانسُ وحشة قبري 
فأسألُ : هذا سبيل الخلاصْ ....؟
                     - 12 – 
هنا في المكانِ يشُقُّ علينا الحوارُ ...
هنا مد فني والزمان حرابٌ 
   تردِّدُ للكونِ لحنَ الشقاءْ ...
هنا موطني إن أرادَ الإلهُ
                       وقام الصغار ....
دعوني أمزِّق حزني 
                   وأرتُق خوفي 
فتلك البدايةُ رهنٌ 
وتلك النهايةُ رهنٌ 
                      فأينَ البذارْ .... ؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء