الغربة / طلعت كنعان
الغربة
نظر إلى الأسفل كان الضباب يتساقط كقطع ثلج حزينة حاجبا رؤية بقايا
المدينة النائمة.
وضع رأسه على حافة الشرفة الضيق، شعر ببرودة الروح وظلام الليل وامتد بغفوة قصيرة.
عجلات القطار تنهش لحم الطريق، في حين تختفي ملامح الأهل وراء ذلك الزجاج الذي صادرت شفافيته حبات الغبار.
لا تطل الغربة يا ولدي.
تذكر أن لك أهلا هنا.
كلمات أم تلطم أذنيه بحنية ونعومة وكأنها تعود من سماء غزتها غيوم سوداء.
نعم ما ادفأ حضن الأم وما أبرد سنوات البعد والغربة.
حلم قصير، بيت كبير، أطفال يتراكضون خلف جدهم، وضحكات تهز أبواب العمارة.
صحا من غفوته القصيرة وخلفه كانت لوحة قريته الصغيرة تفرش أجنحتها على امتداد الصالة.
أما هناك وعلى مقربة منه وقفت بعض الصور المبعثرة لأمه وأبيه
وأخته فاطمة شاهد على وحدته وغربته.
في حين تدلت خيوط العنكبوت من سطح الشقة بهدوء لترسم كلمات مبهمة بزمن الفراق.
طلعت كنعان
تعليقات
إرسال تعليق