ترحل / عصام الدين محمد أحمد
ترحل
هاأنا وحيد، منزوِ بعيد عن البشر، أكابد الأفكار المتقاطعة غير المكتملة، وأحيانا الطارئة غير الراسخة، تسلبني الهدوء وتركسني أسفل أمواج الضباب.
لا تتعجب فقد عبرتني أثنتا وستون محطة دون توقف.
قطار لا يرحم شيخوختي، يرجني كأنني ألعوبة بيد طفل ماجن؛ من المؤكد يطوي سكة غير معبدة، مليئة بالنتوء والبثور!
لا يمكنني المغادرة؛ فحارس القطار هو من بيده كشف الأسماء وتوقيتات الهبوط.
ستون عربة قطعتها، فأصابني التعب والدوار.
هاأنا جالس هامد منذ عامين،أعاني الركود، تصيبني الإغفاءات بالترنح، لاأحد يهتم بوجودي أو يلتفت لحاجاتي، بالفعل نُزعت عني عباءة الاهتمام، سبق لك أن ملئت جنبات القطار جلبة، الآن لا شيء سوى الصمت، السكون، الانزواء.
ليس أمامك إلا الانتظار والترقب!!
ربما يفك الحارس قيودك، يدفعك خارج عتبات القطار!
أطفال كُثر يتنقلون بين المقاعد، تارة يلهون، وأخرى يتعاركون، وثالثة ينفعلون ضاحكين أو باكين.
هاأنا يا رفيق الدرب أتأمل المشاهد، تهدهدني الصور، تناوشني الحركة، أود زحزحة جسدي الثقيل بعيدا عن المقعد، ولكن ما بين الرغبة والتنفيذ بون شاسع!
يافطة عملاقة تبزغ في ذهني: ليس كل ما يتمناه المرء يدركه!
جوقة النساء ترفل، تزفها موسيقى الصخب، يتمايلن يمنة ويسرة، يصدحن بالغناء، تنشده إليهن الأسماع، فجأة تنقطع الأصوات، تذهب والضجيج المرتبك.
تتبدل أحوال العربة ما بين الفينة والأخرى، يتعاقب الغادون والرائحون .
عبر النافذة المشاهد غير واضحة المعالم، يعبرنا عالم الضباب.
تمت بحمد الله
عصام الدين محمد أحمد
تعليقات
إرسال تعليق