محمود محمد أسد بطاقات للأم
محمود محمد أسد
بطاقات للأمّ
ـ 1 ـ
لأمٍّ ستُنْجب مِنْ دفترِ العشقِ
نخلاً و جيلاً أصيلا..
يُطاولُ قاماتِ قرنٍ
تضخَّمَ بالقولِ و الغدرِ
حتَّى النخاعِ..
ستُنْجِبُ طفلاً نقيَّاً
كفجر بلادي
يردِّدُ كلَّ صباحٍ:
صباحَ الحياةِ
صباحَ الجهادِ
ويمضي بعيداً لوقفِ الدماءِ..
* * *
ـ 2 ـ
لأمٍّ تصدُّ سيولَ الدموعِ ،
و توقفها عند بابِ الظلامِ
لتصنَعَ منها قناديلَ حبٍّ
بساتينَ نورٍ
لكلِّ الشبابِ
تعيشُ على كسرةِ الخبزِ
حتى يعودَ النهارُ المسافرْ.
لَوَتْ مِعْصَمَ الموتِ و الحقدِ
أزكتْ رياحَ المحبَّةْ.
تبارِكُ زرْعي،
تصبُّ عليه الجداوِلَ،
تسعى لجني المودّةْ..
ـ 3 ـ
لأمٍّ تفتِّشُ عنِّي و قَدْ سَرَقَتْني الحياةُ،
فتكتُمُ حاجَتها في المساءِ
و تسكُبُ نجوى،تُدَغْدِغُ صَدْرَ النوافِذِ،
بوحَ الشفاهِ،
و تسعى لإرضاءِ كلِّ العيالِ..
أراها و قد نَسِيَتْ نَفْسَها
ذوَّبَتْ روحَها في طريقٍ
سيُرْصَفُ يوماً بُعيدَ عويلِ المواقدْ..
تُحَمِّلُهُ بوحَها و رُعافَ السنينْ.
تنامُ على وجْنَةِ البابِ،
تستقبلُ الغائبينَ عن العينِ
و السّالكينَ دروبَ الإعاشةْ.
و تقرأ أمَ الكتابِ و ما يتيسَّرُ
مِنْ دعَواتِ الأمومةْ..
* * *
ـ 4 ـ
لأمٍّ رمَتْها اللَّيالي
فأشعلتِ الرأسَ شيباً،
و ما زالت الأغنياتُ تغرِّدُ في شفتيها،
تُجمِّعُ أحفادَها كي تقصَّ الحكايا
تناسَتْ عذابَ المخاضِ و ذلَّ اليبابِ.
و قامَتْ إلى الأرضِ فجراً
تجرُّ الرجاءَ،و تحمِلُ أشواقها للترابِ..
تراهُ الوسادةَ و الحِرْزَ عند اشتدادِ الحصارِ..
لأمٍّ تشارِك ربَّ العيالِ مواسِمَهُ
عِشْقَهُ للعطاءِ،
و تحفظُ أسرارَهُ في خوابي الزمانْ..
تعليقات
إرسال تعليق