أدمنت جمرك /محمود محمد أسد

 محمود محمد أسد

    أدْمنْتُ جَمْرَكَ

قُلْتُ   رأيي ، فارتدَّ عنِّي صحابي

  سلّموني للهجر قبل العتابِ

  أحرقوني بوابلٍ من جفاءِ

  و رَموْني في التيهِ دون حسابِ

  لم أشَأْ قَطْعَ الودِّ ، لم أرمِ سهماً

  و حَفِظْتُ العهودَ للأحبابِ

  بل زرعْتُ ابتسامةً ، أزهرَتْ في

  دربهِم حبّاً مُغْدقاً كالسَّحابِ

  قلْْتُ ما أملاهُ الشعورُ ، و حسِّي 

  مورقٌ بالشذى و بالآدابِ

  بعضُ مَنْ أخْلَصْتُ الودادَ لهم ، لم

  يَقْرؤوا إحساساً نقيَّ الشرابِ

  أدمنوا طعني باللِّحاظِ و بالحر

  فِ و لم يلمَسوا شفيف الضبابِ

  لا تسَلْني عن ذكريات تساقَديـْ

  نا هواها ، فأصبحَتْ للسّرابِ

  تلك أمطارٌ زغْرَدَتْ بلقانا

  و بكتْ حرقةً على الأصحاب 

  لا تسلْني ، أدمنْتُ جمرَ احتراقيَ

  فرَمادي سِفْرٌ بلا أبوابِ

  احْتَسَيْتُ الآثامَ في كلِّ فجرٍ

  و كتَمْتُ الآهاتِ عن أترابي

  فرأيتُ الأنظارَ تُشْعِلُ حزناً

  في سباقٍ أعطى نذيرَ اليِبابِ

  ساءَني أن أراكَ فرداً ، و تنسى 

  عمرَنا واللقاءَ ، صَفْوَ الخطابِ

  ساءني منْكَ نَظْرَةٌ نهشَتْ بَعْـ

  ضَ ظنوني ،ثمّ ارتوتْ من عذابي

 

  هل قرأتَ الإنسانَ ؟ هَلْ جئْتَ قلبي؟

  أتجافيني و الندى في العتابِ؟

  ما لقلبي أضحى كسيراً معنّىً ؟

  يحتسي المرَّ من كؤوسِ الصِّحابِ

  عَبْرَتي أزكتِ السؤالَ سيولاً

  فتركْتَ الجوابَ فوق الجوابِ

  لم تلامِسْ نجوايَ في وَجَعِ الرو

  حِ و لم تحمِلْني إلى الأسبابِ

  عمرُنا للذكرى يعيشُ ، وغيري 

  يتوارى في ظلمة الأثوابِ

  دَرْبُنا مَرْجُ الخصبِ هلاَّ رضينا

  بمسيلٍ من بارقاتِ الكتابِ

  إنْ هَرِمْنا شيخوخةً ، فأريج الـ

  ـفكرِ ,يُهْدي جداولاً للشباب

  لو تلاقَيْنا مرّة ، و اخترعْنا

  ذكرياتٍ ، تجذّ َرتْ بالتراب

  لنَفَضْنا عن كاهل ما اعتلاهُ

  من ضنين الأحلامِ و الأوصاب

  إنَّها دنيانا ، و أنتَ صديقي

  فَلِمَ اختَرْت السيرَ فوقَ الحرابِ؟ 

  فتأمَّلْ عطاءَ ربٍّ كريمٍ

  وَهَبَ النورَ في ذوي الألبابِ

  إنَّها دنيانا ,ونحنُ ضيوفٌ

  و ضيوفُ الدنيا على الأبوابِ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء