الملهمة والشاعر/سامية خليفة

 الملهمة والشاعر 


تهتَ عن محطّةِ اليقينِ حتّى أمسيتَ  الشّاعرَ الأعزلَ من الخيال

ها هي ملهمتك تذوي 

فكيف تستعيدُ منها قصائدَكَ المؤجلةَ؟

إن تركضْ خلفها 

ترحلْ بلا قطارٍ

فالمحطة بلا سكة، 

والصدأ يأكل الحديد

الصّدأُ يتلفُ في قلبِها الوتينَ

كم هو أدردُ  !

صدأ النُّكرانِ 

قميءٌ كما مستنقعٌ 

لا تسلْ لِمَ قدماها 

أخذتا معهما المسافة 

لمَ الزمن تبرأ منْ وجودِك

في مساحات كيانها

لا تنظرْ بعد الآن إلى عقاربِ السّاعة 

الزمنُ حتْمًا  سيتوقَّفُ مع رحيلِها

أيا ملهمةَ الشّاعرِ

ترحلينَ ممتلئةً بُعدًا

تأخذين معكِ العطرَ 

تتركينَ غبار الذكرى 

والبصماتِ 

يا لنقاء آثاركِ المائيَّة 

رحيلُكِ وُلدَ مع زخّاتِ المطرِ

فاجمعْ  يا شاعرُ باقةَ الحنينِ

ومنها استنشقِ الحلمَ

اجمعْ شتاتَ أحلامِك

ومعها أذبْ حرارةَ الأشواقِ

استنشقْ بخورَ العشقِ

اصرخْ بقلبِكَ 

أعدْها إلى صومعةِ الوجدِ

عرِّ جبالَ المستحيلِ من ثلوجِها

واحيِ دفءَ الوصال

دعِ المحرَّمَ يفقد رشدَهُ

ليميتَ في النّايِ الأنينَ

اكسر عن قصيدتك الأصفاد

لا تنمْ بعد الآن 

وديوانكَ خاويَ الوفاضِ منَ القصائدِ

ارسمْ لوحاتِ قصائدِكَ بأهدابِ السّهرِ

مع ملهمتك كم سيغدو الحبّ خيّالّا!

جوادهُ سيسابقُ الرّيحَ ليصهلَ عشقًا

إنْ شاكسْتَه مزَّقَهُ الجموحُ

إنْ زرعتَهُ أملاً في جسدِ الصّباحِ

قطفْتَهُ وردةً في آخرِ اللَّيلِ

ها أنّ  طيفا آتيا في السَّحرِ

المحُهُ ينثرُ البتلاتِ 

يجرجِرُ خلفَهُ الكلماتٍ 

هو طيفُ ملهمتِكَ 

يدنو من منضدتِكَ

قمْ ورتِّلْ معها 

أناشيدَ الفجرِ

اغرسا في روحيكما 

أملاً جديداً

يزهرُ حبّاً يحيي روحاً 

ليمسي حنانُك فجرًا 

لأيّام تنتظرُ الفرحَ

المتسرّبَ قسْرًا من خوابي السّنين

ليشرقَ مع الحلمِ الأملَ 

ليمسيَ حنانُك دفئًا 

عاريًا من جسدِ اليأسِ

ملهمتُكَ ستعودُ 

يا شاعرا كاد أن يموتَ فيه الشِّعرُ

فاحيِ تجلياتكَ  

ملهمتك حينَ رحلتْ 

تلبَّدَ خدُّ السماء

اقشعرّ بياضُ الرُّوحِ 

هامَ على وجهِهِ 

أيُّها الشاعرُ تخيّلْ 

إن عادت ماذا سيحصل؟

حتما

ستمزّق الشَّمسُ سوادَ اللّعنةِ 

ليموتَ السَّوادُ غيظاً 

ستمطرُ السّماءُ قبلاتٍ

لترتوي المهج حبّا 

تخيّل كيف الدموع   

ستنهمر على الخدِّ الأسيلِ شوقًا

تنتظرُ لمسةً من يدِكَ.


سامية خليفة-لبنان

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إن غاب قالت جائبا غلابا / خالد بلال

ريح هوجاء